وضعت لها تفصيلا، لكن هذا المقدار لا يكفي في جواز التمسك بها على نفي محتمل الشرطية أو الجزئية عند إطلاقها، فإن من شرائط التمسك بالإطلاق ظهور الخطاب في بيان حكم المطلق، فإن المعتبر في المطلق الذي يتمسك بإطلاقه أمور ثلاثة:
أحدها: تبين المفهوم.
والثاني: تجريد اللفظ عن القيد.
والثالث: ظهور الكلام بسياقه في أن المقام لبيان حكم المطلق، لا لبيان حكم آخر، أو يظهر ذلك من قرينة أخرى غير سياق الكلام بحيث توجب ظهوره في إرادة الإطلاق.
وكيف كان، فلا بد مضافا إلى الأمرين الأولين من إحراز أن الخطاب في بيان حكم نفس المطلق، ونحن لم نظفر بعد على حصول الشرط الأخير في واحد من ألفاظ العبادات المأمور بها في خطابات الشارع.
بل الظاهر عدمه في جميع الموارد، فإن خطابات الشارع الواقعة فيها تلك الألفاظ كما يظهر للمتتبع إما مما يكون في مقام مجرد التشريع وجعل الحكم لتلك الماهيات في الجملة، بمعنى أن الغرض في قوله: (صل) اسماع المكلفين أن الوجوب ثابت للصلاة في الجملة، وليس في مقام تعيين أنها واجبة مطلقا، أو باعتبار بعض أفرادها، بل يكون غرضه هو مجرد التشريع والإسماع، ثم بيان موضوع هذا الحكم من أنه الطبيعة مطلقا، أو هي مع أمور أخرى فيما بعد.
وإما مما يكون للعهد، بمعنى أنه بين الأجزاء والشرائط، وعرفها المكلفين المشافهين، ثم قال: (صلوا) مثلا، فأحال بيان مراده منه إلى ما عرفه سابقا وأحاله إليه، فيكون قوله: (صلوا) من قبيل قول الوعاظ في حثهم على فعل الصلاة والصيام وغيرهما من العبادات، فإن غرضهم ليس الحث على فعل مطلق تلك العبادات، بل على فعل أفرادها الخاصة المعهودة منها عند الناس المعلومة لهم قبل ذلك، فلا يجوز لأحد أن يحتمل ذلك في كلام الوعاظ، فكذلك فيما نحن فيه.
وكيف كان فليس لنا التمسك بإطلاق واحد من ألفاظ العبادات الواردة في خطابات الشارع لذلك، لاستلزامه إجمالها حينئذ من حيث المراد فلم يبق فرق