اللهم إلا أن يريد بذلك تغير صورها النوعية، كما إذا وقع الكلب في المملحة فصار ملحا، أو صارت العذرة ترابا أو دودا، ونحو ذلك.
ولكنه حينئذ في غاية السقوط، ضرورة عدم صدق الكلب والعذرة مع انتفاء الصورة النوعية، إذ التسمية تدور مدارها وجودا وعدما.
نعم ربما يتوهم ذلك في نحو الزوجة والخمر، مما يكون التسمية فيه دائرا مدار ثبوت حالة، أو وصف، لكنه ليس بشيء أيضا، إذ الظاهر عدم الخلاف في كون الجوامد حقيقة في حال التلبس، لا حال النطق، وإلا لزم كون الإطلاق في نحو قولك: (هذا كان خمرا في الأمس، ويكون خلا في الحال) و (هند كانت زوجة زيد أمس، والآن مطلقة) مجازا، وهو باطل بضرورة اللغة والعرف.
وأما احتمال كونها حقيقة باعتبار التلبس في الماضي بالنسبة إلى حال النسبة فبعيد جدا غاية البعد، مضافا إلى قضاء التبادر عرفا بخلافه، ولذا خصوا النزاع في كلماتهم بالمشتقات.
وما قد يرى من نحو قولهم: (هند زوجة زيد)، بعد طلاقها بائنا، بل بعد تزويجها بغير زيد، ونحو ذلك مبني على ما ذكرنا في طي التنبيه الأول والثاني، من أن المراد تعريف هذه الذات الموجودة الآن باعتبار اتحادها لما كانت معروضة للوصف العنواني قبل ذلك، فلفظ (زوجة زيد) قد أطلق على تلك الذات التي كانت لها هذه الصفة في ذلك الزمان، فجعلت تلك باعتبار اتحادها لهذه الذات معرفة لها، كما في قولك: (هذا ضارب عمرو)، في المشتق، وفي الجوامد نحو قولك: (هذه حديقة عمرو، أو دار زيد، أو كتابه)، بعد خروجها عن ملكها إلى ملك الغير، فليس لهذا الإطلاق دلالة على كون الجوامد حقيقية باعتبار التلبس في الماضي بالنسبة إلى حال النسبة.
والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.