نعم لو استدل بتبادر كل من المعنيين من اللفظ، بمعنى تصورهما من نفس اللفظ عند الإطلاق مع التوقف في أن أيهما المراد، حيث إنه يجوز إرادة أكثر من معنى، لاتجه الاستدلال، لكن الواقع ليس كذلك.
هذا، ثم إن الظاهر أنه لم يقع الخلاف من أحد في مجازية المبدأ الصالح لإرادة الملكة فيها في العرف أيضا، وإنما اختلفوا في ثبوت الوضع بالنسبة إلى الحرفة فيما يصلح لإرادتها وعدمه اشتراكا أو نقلا، فيكون إطلاق المبدأ على الملكة في نحو كاتب وقارئ مجازا قطعا، إذا أريدت الملكة من نفس اللفظ، لعدم ثبوت الوضع لها بوجه، مضافا إلى تبادر الغير.
لكن الظاهر بناء الإطلاق في صورة حصول الملكة، دون الحال على تنزيل من له ملكة التلبس بالمبدأ منزلة المتلبس به فعلا، وإرادة الحال من المبدأ بهذا الاعتبار، فيلزم التجوز بحسب العقل دون اللغة.
وكيف كان، فالنسبة بين الحال وبين كل من الملكة والحرفة، كالنسبة بين الأخيرتين، هي العموم من وجه.
والأمر واضح بالنسبة إلى الحال وغيرها.
وأما الأخيرتان، فمحل الافتراق فيهما من جانب الملكة، الاجتهاد والعدالة، ومن جانب الحرفة ما لا يحتاج في حصوله إلى تحصيل ملكة، مثل بيع التمر والخبز ونحوهما. ومورد الاجتماع فيهما الحرفة التي يحتاج تحصيلها إلى صرف العمر في مدة طويلة لتحصيل قوة يقتدر بها على الفعل، كالخياطة والحياكة والصباغة ونحوها.
ثم إن مورد الخلاف في المسألة (1) يعم جميع الأقسام، كما أشرنا إليه في تحرير النزاع، كما صرح به غير واحد منهم، لإطلاق العنوانات، وعموم الأدلة وتمثيلهم بالألفاظ الموضوعة بإزاء الملكات والحرف، وبيان الثمرة على حسب اختلاف المبادئ، كما ستعرف، فما ذكره بعض الأعلام من اختصاص النزاع بما يكون المبدأ فيه حالا، استنادا إلى حصرهم الخلاف فيما تلبس بالمبدأ وانقضى عنه