فمفهوم المشتق على القول بكونه حقيقة في ذلك، هو المتلبس بالمبدأ في الجملة، مع قطع النظر عن حصوله في أحد الأزمنة.
وبهذا الاعتبار يصح تقييده بكل واحد منها، فيقال زيد ضارب في الحال، أو الأمس، أو الغد، لأن النسبة بين الحال بهذا المعنى، وبين كل من الحال، والماضي، والاستقبال، بالمعنى الأول كنسبة كل من مقابليه مع كل واحد من تلك هي العموم من وجه، فمعنى القول بكون المشتق حقيقة في خصوص الحال بهذا المعنى، أن إطلاقه إنما يكون حقيقة، إذا أريد به صدقه على المتصف بالمبدأ باعتبار الحال الذي يطلق عليه اللفظ بحسبه، سواء كان ذلك الحال ماضيا، أو حالا، أو مستقبلا بالمعنى الأول.
فمدار الحقيقة على هذا، إنما هو على اتحاد حال قيام المبدأ بما يطلق عليه المشتق، مع حال إرادة صدقه عليه، فقولك زيد كان ضاربا أمس أو سيصير ضاربا حقيقة، إذا كان زيد متصفا بالضرب في الأمس، أو بعد زمان النطق، ومجاز إن لم يتصف به في المثال الأول عنه قبل () الأمس، وكذا إن لم يتصف به بعد زمان النطق في الثاني، سواء اتصف به في زمان النطق، أو قبله، أو لا.
وكيف كان، فالمحكي عن ظاهر أكثر العبارات، وعن صريح بعض، مضافا إلى ظهور لفظ الحال، كما مر، أن المراد هو حال النطق، وربما يشعر به ما يأتي من الاحتجاج بقول بعض النحاة لصحة قولنا ضارب أمس، على كون المشتق حقيقة في الماضي، وما حكي عن جماعة من كون ضارب - في قولنا ضارب غدا - مجازا، بل المحكي عن العضدي () حكاية الاتفاق عليه، فان هذا كله لا يتم إلا على إرادة حال النطق، إذ الاحتجاج المذكور، وكذا حكمهم بالمجازية لا ينطبقان إلا عليه، إذ إطلاق الضارب في المثالين ليس إلا باعتبار حال التلبس، فلا يصح جعله من إطلاق المشتق على الماضي بالنسبة إلى حال التلبس في المثال الأول، ولا يجتمع الحكم بمجازيته في الثاني، مع إرادة حال التلبس من لفظ الحال المذكور في عنوان المسألة، لما سيأتي من الاتفاق على كون إطلاق المشتق حقيقة في الحال، مع إمكان دفع الثاني باحتمال كون المراد إرادة الزمان من نفس اللفظ، وجعل لفظ الغير قرينة عليه، لما سيجيء من