ولو سلمنا ذلك، فنقول: إن المجازية في الهيئة في قولنا (زيد ضارب غدا) إنما هي فيما إذا جعل (غدا) قيدا، فلا إشكال في كون الإطلاق حقيقة على تقدير وضع الهيئة بإزاء المتلبس بالمبدأ في حال النطق، فافهم جيدا.
ومما حققنا ظهر أيضا أن مجمل الاحتجاج المتقدم الدال على كون المراد بالحال هو حال النطق، إنما هو اشتباه الأمر على المستدل، نظرا إلى ظهور لفظ الحال، وظهور بعض العبارات مع الغفلة عما ذكرنا من القرينة الصارفة عنه المعينة للمراد فيما قلنا.
الخامس: لا إشكال في عدم دلالة الاسم المشتق على واحد من الأزمنة، والا لانتقض حد الفعل والاسم طردا وعكسا، كما هو ظاهر.
هذا مضافا إلى اتفاق أهل العربية وعلماء الأصول عليه، وان كان ربما يتوهم من قولهم: المشتق حقيقة في حال النطق أو الماضي؟ وقوع الخلاف فيه من علماء الأصول، لكنه فاسد، لأن مورد الخلاف غير صورة إرادة الزمان من نفس اللفظ، كما حكي التصريح به عن جمع من المحققين.
نعم قد يشكل بما يظهر من عبارات النحاة من أن اسم الفاعل والمفعول يعملان إذا كانا بمعنى الحال والاستقبال ولا يعملان إذا كانا بمعنى الماضي، وربما يندفع بوجوه مخدوشة كلها.
والأولى في دفعه أيضا ما مر من الحمل على غير إرادة الزمان من نفس اللفظ.
وكيف كان، فحال الاسم المشتق بالنسبة إلى الزمان، كحاله بالنسبة إلى المكان في عدم الدلالة عليه، فيكون الحال فيه نظير الحال في الأسماء والجوامد، فكما أنها لا تدل إلا على الذوات المتصفة بأوصافها العنوانية باعتبار حال إرادة صدقها على تلك الذوات من غير دلالة على الزمان كعدم دلالتها على المكان، فكذلك هذا، فإنه كما سيأتي لا يدل إلا على الذات المتصفة بالمبدأ باعتبار الحال المذكور، فبذلك يتبين عدم وقوع الخلاف في المشتق المتنازع فيه من جهة اعتبار الزمان في مفهومه وعدمه.
السادس: لا خلاف في المشتق المتنازع فيه في المقام من جهة كونه حقيقة في قيام المبدأ بنفس الذات أو الأعم، فان هذا النزاع لا يختص بخصوص المقام، بل إنما هو في مطلق المشتقات، بحيث يدخل فيه الأفعال أيضا، ومرجع هذا الخلاف إلى أنه هل يعتبر في إطلاق المشتق مطلقا حقيقة قيام المبدأ حقيقة بالذات المحكوم عليها بالمشتق أولا؟ بل يكفي قيامه بها تسامحا؟ بمعنى أن يكون المورد مما يتسامح فيه عرفا في الحكم بقيام