هذا كله مضافا إلى عدم الفائدة في المثال المذكور على القول بتصور الاشتراك، واحتماله فيه، فإنه على كونه مشتركا أيضا محمول عند الإطلاق على المعنى الشرعي للقرينة، وهو كونه ملقى إلى المتشرعة، فتأمل.
وثانيهما: أن لفظ الصلاة ليس مشتركا بين المعنى اللغوي والشرعي باتفاق المثبتين للحقيقة الشرعية والنافين لها، بل إما مجاز في المعنى اللغوي بكونه منقولا منه، وإما مجاز في المعنى الشرعي ببقاء وضعه للمعنى اللغوي.
هذا، ثم إن الظاهر من الاشتراك في المقام أعم من الاشتراك المعروف ومن المرتجل إذ هو على مذهب المحققين كلا أو جلا قسم من المشترك، وكيف كان، فنحن نفصل المقال لكشف الحال، حسب ما يعيننا المجال:
فنقول: إن الدوران بين الاشتراك بالمعنى الأعم الشامل للارتجال وبين النقل يتصور في فروض:
الأول: أن يكون اللفظ حقيقة في الصدر الأول في معنى، ثم عرض له في العرف العام أو الخاص وضع آخر لغير ذلك المعنى، وشك في بقاء الوضع الأول، فيكون مشتركا، أو هجره، فيكون منقولا.
وفيه أقوال حينئذ: اختيار الاشتراك مطلقا، واختيار النقل كذلك، والتفصيل بين ما إذا حدث المعنى الثاني في عرف غير عرف المعنى الأول، وبين ما إذا حدث في ذلك العرف، فحكم بالنقل في الأول، وبالاشتراك في الثاني.
حجة الأول: أن فائدة النقل أكثر من فائدة الاشتراك، إذ على تقديره يحمل اللفظ على المعنى الثاني، المنقول إليه عند تجرده عن القرينة من غير توقف، بخلاف الاشتراك لحصول الاحتمال معه، فيكون النقل أولى.
حجة الثاني: ان الاشتراك أكثر وأغلب، فيكون أولى من النقل، فإن أكثريته دليل على أحسنيته وأولويته، ولم يتمسك أحد من الفريقين بالأصول الجارية في المقام على إثبات المرام، مع أنها خير ما يعول عليه في أمثال المقام، وعليه ديدنهم في سائر مباحث الألفاظ.
ولعل نظرهم إلى أن الأولوية والرجحان، هو المحكم في المقام، لأنه ظن اجتهادي بالنسبة إلى ما يقضي به الأصول العدمية، فيكون نسبته معها نسبة الأدلة الاجتهادية مع الأصول العملية، ولا ريب أنه مع جريان الأول لا موضوع للثاني ولا