المسمى المعلوم كونه حقيقة، إطلاقه عليه من باب إطلاق الكلي على الفرد أولا - فيكون إطلاقه عليه لأجل وضعه لخصوصه، وأنه مجاز في المسمى الآخر، لكونه أولى من الاشتراك - أو مشترك لفظا بناء على منع الأولوية - فحينئذ إذا جمع اللفظ على صيغة مخالفة لصيغة جمعه لمسمى آخر هو فيه حقيقة، فهذا دليل على عدم كون اللفظ متواطيا، فهو حينئذ: إما مشترك لفظا، أو حقيقة ومجاز - بناء على أولوية المجاز، إذ لو كان متواطيا لجاز التعبير عن ذلك المسمى بصيغة جمعه للمسمى الآخر المعلوم كونه حقيقة فيه، لما عرفت من تساوي نسبة أفراد المتواطئ، بالنسبة إلى القدر الجامع، وأن هيئة الجمع لا تفيد إلا تعدد مدلول اللفظ، فاختلافها في المسميين دال على كون كل منهما مدلولا مستقلا للفظ.
أقول: الأقرب عندي منع الملازمة بين كونه متواطيا، وبين جواز التعبير عن المسمى الآخر بصيغة جمعه للمسمى المعلوم كونه حقيقة، إذ من المعلوم أن استعمال الهيئات كاستعمال المواد يتوقف على الوصول من أهل اللغة، ومن الجائز أيضا تخصيصهم هيئة خاصة من هيئة الجمع بالنسبة إلى اللفظ بما إذا أريد به الفرد الخاص من فردي معناه الكلي لا مطلقا، وتخصيصهم هيئة أخرى بما إذا أريد به المعنى الآخر، الذي هو الفرد الآخر من المعنى الكلي.
وكيف كان، فاختلاف الجمع بنفسه لا دلالة له على المدعى، ولا يفيد قطعا، بل ولا ظنا.
اللهم إلا أن يتمسك بالغلبة، بأن يقال: إن الغالب في أسماء الأجناس المتواطئة جواز التعبير على النحو المذكور.
وفيه أولا: منع الغلبة.
وثانيا: عدم إفادتها القطع، ولو أفادت ظنا لتوقف اعتباره على اعتبار مطلق الظن في اللغات، فيتوقف على مقدمة الانسداد لعدم ثبوت الدليل الخاص عليه.
وثالثا: إن هذا يكون استدلالا بالغلبة، لا بالعلامة، فتسقط العلامة عن كونها علامة، فافهم.
ثم إن اختلاف الجمع على تقدير كونه علامة لا ينعكس، بمعنى أنه ليس عدمه علامة لوضع اللفظ للجامع بين المعنيين، لأنه قد يجمع المجاز بصيغة جمع الحقيقة، كما في الحمر، والأسد، إذ لا ريب أن الحمار موضوع للحيوان الناهق، والأسد للمفترس، بحيث يكون استعمالهما في غيرهما مجازا، مع أنه يعبر عن المعنى المجازي فيهما عند إرادة