بالإضافة، كما يشعر به تمثيلهم بما عرفت، ولا ريب أن المضاف إليه قيد للمضاف حقيقة، واصطلاحا، ولا يطلق عليه القرينة، وأيضا استعمال اللفظ معه في المقيد حقيقة فيه على التحقيق عندنا، وإنما يكون مجازا إذا استعمل فيه مجردا عنه، وأيضا المقصود من التزامه لزوم اتصاله باللفظ عند الإطلاق.
فظهر الفرق بين ما نحن فيه وبين المجاز، من وجوه ثلاثة:
الأول: أن الصارف في المجاز يسمى قرينة، وفيما نحن فيه قيدا لا غير، لما بينا من أن المراد التقييد بالإضافة، كما عرفت.
الثاني: أن اللفظ مجاز مع القرينة في غير الموضوع له، بخلاف ما نحن فيه، فإن اللفظ مع القيد حقيقة في المقيد، وإنما يكون مجازا إذا استعمل مجردا عنه.
الثالث: أن القرينة في المجاز، وإن كانت لازمة إلا أنه لا يجب اتصالها، واقترانها باللفظ عند الإطلاق، بل يجوز انفصالها عنه إذا لم يكن المقام مقام الحاجة، وكذا يجوز إتيانها بغير اللفظ.
هذا بخلاف ما نحن فيه، فإن مورده ما إذا كان القيد لازم الاتصال باللفظ بحيث لا يجوز ذكره منفصلا، وأيضا لا بد من كونه لفظا، وكونه مضافا إليه اللفظ.
أقول: بل يجب أن يكون لفظا خاصا أيضا، بمعنى أن يكون لفظا موضوعا لخصوص المعنى المقيد المبحوث عنه، كنار الحرب مثلا، حيث أن الحرب قيد لفظي متصل بالنار موضوع للمعنى المبحوث عنه، أي معنى الحرب الذي يبحث فيه أنه من أفراد النار، أو معنى مباين لها، فبلزوم كونه قيدا متصلا للنار - عند إطلاقه على المقيد - يعلم كون النار مجازا فيه لو استعمل فيه مجردا عنه، وأما مع اتصاله به فهو حقيقة فيه قطعا، بمعنى أنه - مقيدا بذلك القيد - موضوع للمعنى المبحوث عنه، وإلا لجاز التفكيك بينهما بأن يستعمل النار فيه مجردا مثلا، لكن التالي باطل بالفرض، لأنا نتكلم على هذا التقدير، بل موضوع العلامة هذا، فإن هذا معنى التزام القيد فيه، وبه يخرج عن الفرض، فالمقدم مثله، فيثبت نقيض المقدم، وهو المدعى، وكيف كان، فقد عرفت الفرق بين ما نحن فيه وبين المجاز من وجوه.
ومن هنا يظهر الفرق بينه وبين استعمال الكلي في الفرد، فإن القرينة على تعيين الفرد، وإن كانت لا بد منها، لكن الحال فيها ما عرفت في قرينة المجاز من عدم لزوم اقترانها باللفظ لا غير.