مضافا إلى قصوره عن إفادة تمام المدعى، وهو متابعة أصل الحقيقة مطلقا، حتى في المحاورات والأقارير والدعاوي ونحوها، لأن غاية ما يمكن أن يتكلف من دلالته، أن يجعل معنى الآية أنه وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه، وبلوازم لسان القوم، من حمل الألفاظ المجردة عن قرينة المجاز على حقائقها، وهذا يقتضي حمل الخطابات الصادرة من ذلك الرسول المجردة عن قرينة المجاز على حقائقها، بأن لا يكون للرسول مؤاخذة عليهم لو أخطئوا في المراد، كما إذا انكشف الخطأ في حملهم، لا مطلق الخطابات، كما هو المدعى.
هذا مع أن الظاهر أن الآية مسوقة لبيان أنه تعالى أرسل إلى كل قوم رسولا منهم، تسهيلا لهم في أخذ معالم دينهم منه، لكونه نبيا لهم بلسانهم، ولاستئناسهم به لكونه منهم.
فحاصلها أنها في مقام الامتنان عليهم، حيث لم يحمل عليهم رسولا من غيرهم ليشق عليهم استفادة الأحكام منه، أو تبعيتهم له، لكونه من غيرهم.
نعم لو ثبت أن بناء العرف على حمل الألفاظ على حقائقها مجردة عن القرينة الصارفة، فيمكن الاستدلال بها على إمضاء الشارع هذا البناء، لكن بعد حملها على أن المراد بها إرسال كل رسول إلى قومه بلسانهم، وبلوازم لسانهم الثابت عندهم، وهو البناء المذكور، لكنه خارج عن المقام، لأنا في مقام إثبات أصل هذا البناء.
السادس: الإجماع القطعي.
وفيه أن المسألة في المقام ليست من الأمور التوقيفية الموظفة من الشارع ليدخلها الإجماع، ويكشف عن قول الإمام عليه السلام، بل هي - على فرض ثبوتها - من الأحكام العرفية. وكيف؟ فإجماع العلماء - من حيث كونه إجماع العلماء لا يرتبط بالمقام ولا حجية فيه، لعدم كشفه عن قول الإمام عليه السلام، الذي هو مناط الحجية، لعدم كون المسألة من الأمور الموظفة التي يكون بيانها من شأن الإمام عليه السلام.
نعم، لو أريد به إجماع أهل اللسان، فهو مع ثبوته يصلح دليلا.
لكن الكلام أولا - في تحققه، وثانيا - في تسميته إجماعا، فإنه خلاف الاصطلاح، فإن المصطلح عليه هذا اللفظ إنما هو اتفاق العلماء، من حيث كونه اتفاقهم.
وأضعف من ذلك، دعوى الإجماع على العمل بظواهر الكتاب، والسنة، فإنه مع كونه مردودا بما عرفت في الإجماع القطعي من عدم ارتباطه بالمقام، يرد عليه أن القدر