بخر الفم، أو غير ذلك، فلو ثبت الاطراد في موارد ذلك الملاك، لجاز استعمال لفظ الأسد في كل ما يشابهه من وجه، ولو باعتبار الجثة، ولا ريب في انحصار الجواز بمورد خاص فيه وهو الشجاعة.
ولا يخفى أن ثبوت الاطراد في هذا المورد الخاص، لا يكون اطراد الاستعمال في موارد ملاكه.
وكيف كان فاستعمال الأسد في هذا المورد الخاص بجميع جزئياته وإن بلغت ما بلغت، استعمال له في أحد موارد الملاك المذكور، فإن هذا المورد بجميع جزئياته مورد واحد منه.
وبعبارة أخرى الشجاع مورد واحد من المشابه، وتعدد جزئيات الشجاع لا تحتمله موارد المشابه.
وهذا نظير ما أوردنا على العميدي في تمثيله للاطراد بلفظ العالم، بناء على كون المراد به استكشاف حال زنة الفاعل، حيث قلنا: إن العالم بجميع أفراده مورد واحد من زنة الفاعل، لا جميع موارده، حتى يثبت الاطراد فيها بمجرد اطراد العالم في أفراده.
ومن هنا ظهر ضعف تخيل أن المناط في استعمال الأسد في الشجاع هي الشجاعة، وهو مطرد في مواردها، فثبت التلازم والعلية بين الوضع والاطراد وجودا وعدما، فوجوده أمارة على وجوده وعدمه أمارة على عدمه.
ثم إنك عرفت أن حاصل ما ذكره الآمدي () في الجواب عن الإشكال بمثل رحمان، والفاضل، والسخي، وغيرها، يرجع إلى أن العلاقة المعتبرة في تشخيص المجاز هو عدم الاطراد الناشئ من عدم الوضع، وأما إذا كان ناشئا عن وجود المانع، مع وجود المقتضي، كما في الأمثلة المذكورة، فلا يكون دليلا عليه، فحينئذ يرد عليه مضافا إلى ما تقدم، أن كون عدم الاطراد - بهذا المعنى - علامة للمجاز مستلزم للدور، إذ المفروض كونه علامة لعدم الوضع المعبر عنه بالمجاز، ولا تكون علامة إلا إذا علم بكونه من جهة عدم الوضع، فيتوقف معرفة عدم الوضع على معرفة عدم الاطراد بالمعنى المذكور، ومعرفته كذلك موقوفة على العلم بعدم الوضع، فيلزم الدور مصرحا.
هذا، ثم إن الأقرب عندي في تعريف الاطراد وعدمه، وبيان موردهما، هو ما ذكرته نقلا عن الشيخ محمد تقي () (قدس سره) وهو المعتمد لجريان مناط الاعتبار في جميع