حينئذ إنه إن ثبت نقل خصوص لفظ (رحمان) عن هذا المعنى الأصلي إلى خصوص ذاته المقدسة، بحيث هجر عنه، فلا ريب حينئذ في عدم جواز استعماله في غيره تعالى، لعدم المصحح له حينئذ، فحينئذ نمنع استعماله في غيره تعالى حقيقة، بل مجازا قطعا، فعدم الاطراد - حينئذ - لذلك، فيكون أمارة على المجاز، فلا وجه للنقض به، وإلا فلا ريب في صحة استعماله في غيره لوجود علتها، والمنع الشرعي تعبدا لا يوجب أن يكون الاستعمال غلطا عند العرف، فإذن نمنع عدم اطراده في غيره تعالى، بل نقول باطراده - حينئذ - فلا نقض.
وأما لفظ الفاضل، والسخي، فالجواب عن النقض بهما:
أما أولا: فبمنع المنع الشرعي من استعماله فيه تعالى، بل وجدنا في بعض الأدعية استعمال الفاضل فيه تعالى، وكذا وجدنا استعمال ذي السخاء فيه تعالى، كما في بعض فقرات الأدعية يا ذا الجود والسخاء.
لا يقال: إن إطلاق ذي السخاء عليه تعالى غير إطلاق السخي.
لأنا نقول: إن وجه المنع من إطلاق السخي ليس إطلاقه عليه باعتبار هيئته، لإطلاق هيئة فعيل عليه تعالى في غير تلك المادة كثيرا، وإنما هو من جهة المادة، فإذا ثبت إطلاق المادة واستعمالها فيه تعالى، يثبت جواز إطلاقها عليه في ضمن جميع الهيئات.
وأما ثانيا فعلى تسليم المنع فنقول: إنه لا يؤثر في عدم جواز الاستعمال عرفا مع بقاء الوضع الأصلي فيهما فعدم الاطراد ممنوع والاطراد ثابت عرفا، فيكون أمارة عليه.
وأما لفظا القارورة والدابة، فالجواب عنهما، بمنع بقائهما على معناهما الأصلي، بل هما منقولان عرفا، ومهجوران عن معناهما الأصلي، فيكونان في العرف مجازين في غير الزجاج، وذات القوائم، فعدم الاطراد مسلم ويكون دليلا على المجاز.
وأما الجواب عن النقض على الاطراد بما عرفت، فالتحقيق فيه أما في الكليات المستعملة في الأفراد:
فأولا: بالمنع من جواز استعمال اللفظ الموضوع للكلي في خصوص فرد منه، - كما عرفت سابقا -، لعدم الفائدة فيه، فاطراد الاستعمال بهذا المعنى ممنوع الجواز.
نعم المطرد هو إطلاق الكلي على الفرد من باب دالين ومدلولين، ولا ريب أن اللفظ حينئذ مستعمل في نفس الكلي لا الفرد، فمورد الاطراد نفس المعنى الحقيقي فلا نقض.