الوضع لا يعقل عدم الاطراد، كما عرفت، فيكشف ذلك عن عدم وضع اللفظ للمورد، فإن انتفاء المعلول يستلزم انتفاء علته عقلا.
وأما الجواب عن النقض على عدم الاطراد بلفظ رحمان، والفاضل، والسخي، وغيرها، مما عرفت، فما ذكره الآمدي (1) في الإحكام مما حاصله أن عدم الاطراد في الأمثلة المذكورة لأجل المنع الشرعي في الثلاثة الأول، وللمنع العرفي في الأخيرين.
لكن فيه: أنه إن كان المراد بالمنع الشرعي حرمة إطلاق رحمان على غيره تعالى، وحرمة إطلاق الفاضل، والسخي عليه تعالى، فلا ريب أنها لا تمنع من جواز الاستعمال، وصحته عرفا، وإن أراد به عدم صحة الاستعمال شرعا، بمعنى أنه نقل سبحانه لفظا من معناه اللغوي العام إلى ذاته المقدسة، وهجر عن معناه الأول، وهذا إنما يتم في لفظ (رحمان) دون غيره، وإن وجه غيره بأن إطلاق وصف عليه سبحانه تعالى موقوف على العلم بحصول المبدأ في ذاته المقدسة، فلما لم يمكن للممكنات العلم بذاته تعالى بما هي عليه، فلا يجوز لهم إطلاق وصف عليه من دون وصول إطلاقه منه تعالى، لعدم إحراز المبدأ فيه سبحانه تعالى.
ففيه: أن هذا يرجع إلى اشتراط إحراز معنى اللفظ في مورد الاستعمال، إذ بدونه يكون الإطلاق كذبا قبيحا، ومحرما عقلا وشرعا، ولا ريب أن المنع بهذا الاعتبار لا يختص بما ذكر، بل يجري في جميع الألفاظ في جميع الموارد، فإن إطلاق الفاضل، والسخي، وغيرهما من الألفاظ على أحد من دون العلم بحصول المعنى للمورد يكون ممنوعا بهذا الاعتبار.
وأما المراد بالمنع العرفي في الأخيرين، فإن كان مع فرض بقائهما على معناهما الأصلي، فلا يعقل كونه مانعا عن صحة الاستعمال، لأن الوضع علة تامة لها، وإن كان مع فرض هجرهما عن المعنى الأصلي، فهو متجه، لكن لا لمنع العرف، بل لعدم المصحح حينئذ. اللهم إلا أن يكون المراد بالمنع العرفي نقلهم اللفظ عن المعنى الأصلي، فإنه إيجاد للمانع عن صحة الاستعمال، فيكون منعا بهذا الاعتبار.
هذا، والتحقيق في الجواب أن يقال: إن لفظ (رحمان) على وزن فعلان، وهذا الوزن في الأصل لمن تلبس بالمبدأ، فالرحمن على هذا معناه الذات المتلبس بالرحمة، فنقول