غيره تعالى، مع كون غيره أيضا معنى حقيقيا، وكما في لفظي الفاضل والسخي، لعدم جواز استعمالهما فيه تعالى، مع أن استعمالهما فيه حقيقة، وكما في القارورة لعدم جواز استعماله في غير الزجاج، مع كونه حقيقة في الغير، وكذلك لفظ الدابة لعدم جواز استعماله في غير ذات القوائم، مع كونه حقيقة فيه أيضا، فإذن لا يختص عدم الاطراد بالمجاز، فلا يكون دليلا عليه.
حجة القول الثاني منه، على عدم كون الاطراد دليلا على الوضع، لحصوله في بعض المجازات، كما في استعمال الكليات في الأفراد، مع كون الأفراد معاني مجازية، كما في استعمال الأسد في الشجاع، وأما على كون فقده دليلا على المجاز، فهو ما يأتي في القول المختار.
حجة القول الثاني: على ما نسبت إلى السيد الكاظمي الشارح للوافية (1) إنما هو انتقاض كل من العلامتين بما عرفت.
والمختار من الأقوال هو الأول، وفاقا لجمع من أعلام المتأخرين، ومن المتقدمين على الظاهر، وأيضا الأقوى أنهما علامتان علميتان لا ظنيتان.
لنا على كون الاطراد علامة قطعية للوضع، أن ملاك جواز الاستعمال إما الوضع، أو العلاقة، ولا ريب أنه مع تحقق الوضع، فهو علة تامة لجواز الاستعمال أينما وجد، وأما العلاقة لما لم يكن لها انضباط، بل تختلف باعتبار اختلاف الموارد، حيث إن المعتبر منها هي العلاقة التي لا يستكثر العرف استعمال اللفظ في المورد لأجلها، ولا ريب أن إحراز هذه العلاقة يتوقف على الرجوع إلى أهل اللسان في خصوص كل مورد من الموارد، لعدم كفاية مطلق العلاقة الموجودة في المقام، فلا تصلح لكونها ملاكا لاطراد الاستعمال في كل مورد، فتنحصر علة الاطراد في الوضع، فحينئذ لو لم يحصل العلم من الاطراد يلزم تخلف المعلول عن العلة، وهو محال.
ومن هنا ظهر عدم كون الاطراد علامة قطعية لعدم الوضع، إذ مع وجود