وقد تعلقت قدماه دما ومدة، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): هل تدري ما نزل فيك، فأعلمه بما لا عوض له لو بقي في الدنيا ما كانت الدنيا باقية، قال: يا علي نزل فيك ﴿فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى﴾ (١) فالذكر أنت والإناث بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول الله تبارك وتعالى /: ﴿فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب﴾ (٢).
قال: فما دفع الضيم قالوا: حيث حصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الشعب حتى أنفق أبو طالب ماله ومنعه في بضع عشرة قبيلة من قريش وقال أبو طالب في ذلك لعلي (عليه السلام) وهو مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أموره وخدمته ومؤازرته ومحاماته.
قال: فما التصديق بالوعد؟ قالوا قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخبره بالثواب والذخر وجزيل المآب لمن جاهد محسنا بماله ونفسه ونيته فلم يتعجل شيئا من ثواب الدنيا عوضا من ثواب الآخرة ولم يفضل نفسه على أحد للذي كان عنده وترك ثوابه ليأخذه مجتمعا كاملا يوم القيامة وعاهد الله أن لا ينال من الدنيا إلا بقدر البلغة ولا يفضل له شيء مما أتعب فيه بدنه ورشح فيه جبينه إلا قدمه قبله فأنزل الله /: ﴿وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله﴾ (3).
قال: فقيل لهم: فما الزهد في الدنيا؟ قالوا: لبس الكرابيس وقطع ما جاوز من أنامله وقصر طول كمه وضيق أسفله كان طول الكم ثلاثة أشبار وأسفله اثني عشر شبرا وطول البدن ستة أشبار.