الرهبان وقالوا فيه ودعاؤه الناس إلى أن يسألوه عن كل فتنة تضل مائة أو تهدي مائة وما روى الناس من عجائبه في إخباره عن الخوارج وقتلهم وتركه مع هذا أن يظهر منه استطالة أو صلف بل كان الغالب عليه إذا كان ذلك غلب البكاء عليه والاستكانة لله حتى يقول له رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما هذا البكاء يا علي؟ فيقول أبكي لرضاء رسول الله عني قال: فيقول له رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله وملائكته ورسوله عنك راضون، وذهاب البرد عنه في أيام البرد وذهاب الحر عنه في أيام الحر فكان لا يجد حرا ولا بردا والتأييد بضرب السيف في سبيل الله والجمال. قال: أشرف يوما على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ما ظننت إلا أنه أشرف علي القمر ليلة البدر ومباينته للناس في إحكام خلقه. قال: وكان له سنام كسنام الثور بعيد ما بين المنكبين وإن ساعديه لا يستبينان من عضديه من إدماجهما من أحكام الخلق لم يأخذ بيده أحدا قط إلا حبس نفسه فإن زاد قليلا قتله.
قال ابن دأب: فقلنا أي شيء معنى أول خصاله المواساة، قالوا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) له: إن قريشا قد أجمعوا على قتلي فنم على فراشي فقال: بأبي أنت وأمي السمع والطاعة لله ولرسوله، فنام على فراشه ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لوجهه وأصبح على وقريش يحرسه فأخذوه فقالوا: أنت الذي غدرتنا منذ الليلة، فقطعوا له قضبان الشجر، فضرب حتى كادوا يأتون على نفسه.
ثم أفلت من أيديهم وأرسل إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في الغار أن أكتر ثلاثة أباعر واحدا لي وواحدا لأبي بكر وواحدا للدليل وإحمل أنت بناتي إلى أن تلحق بي، ففعل.
قال: فما الحفيظة والكرم؟ قالوا: مشى على رجليه وحمل بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الظهر وكمن النهار وسار بهن الليل ماشيا على رجليه فقدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله)