وبعث إليه من خراسان بنات كسرى، فقال لهن: أزوجكن؟ فقلن له: لا حاجة لنا في التزويج، فإنه لا أكفاء لنا إلا بنوك فإن زوجتنا منهم رضينا فكره أن يؤثر ولده بما لا يعم به المسلمين. وبعث إليه من البصرة من غوص البحر بتحفة لا يدري ما قيمتها فقالت له ابنته أم كلثوم: يا أمير المؤمنين أتجمل به ويكون في عنقي، فقال:
يا أبا رافع أدخله إلى بيت المال ليس إلى ذلك سبيل حتى لا تبقى امرأة من المسلمين إلا ولها مثل ذلك. وقام خطيبا بالمدينة حين ولي فقال: يا معشر المهاجرين والأنصار! يا معشر قريش! إعلموا والله أني لا أرزؤكم من فيئكم شيئا ما قام لي عذق بيثرب أفتروني مانعا نفسي وولدي ومعطيكم ولأسوين بين الأسود والأحمر، فقام إليه عقيل بن أبي طالب فقال: لتجعلني وأسودا من سودان المدينة واحدا؟ فقال له: اجلس رحمك الله تعالى أما كان هاهنا من يتكلم غيرك وما فضلك عليهم إلا بسابقة أو تقوى.
ثم اللباس استعدى زياد بن شداد الحارثي صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أخيه عبيد الله بن شداد، فقال: يا أمير المؤمنين ذهب أخي في العبادة وامتنع أن يساكنني في داري ولبس أدنى ما يكون من اللباس، قال: يا أمير المؤمنين تزينت بزينتك ولبست لباسك، قال: ليس لك ذلك. إن إمام المسلمين إذا ولي أمورهم لبس لباس أدنى فقيرهم لئلا يتبيغ بالفقير فقره فيقتله فلأعلمن ما لبست إلا من أحسن زى قومك ﴿وأما بنعمة ربك فحدث﴾ (1) فالعمل بالنعمة أحب إلى من الحديث بها.
ثم القسم بالسوية والعدل في الرعية، ولى بيت مال المدينة عمار بن ياسر وأبا الهيثم بن التيهان فكتب: العربي والقرشي والأنصاري والعجمي وكل من كان في الإسلام من قبائل العرب وأجناس العجم سواء، فأتاه سهل بن حنيف بمولى له أسود