أبا لكم حراما. والله ما خبلتكم عن أموركم ولا أخفيت شيئا من هذا الأمر عنكم، ولا أوطأتكم عشوة، ولا دنيت لكم الضراء، وإن كان أمرنا لأمر المسلمين ظاهرا فأجمع رأي ملئكم على أن اختاروا رجلين، فأخذنا عليهما أن يحكما بما في القرآن ولا يعدواه، فتاها وتركا الحق وهما يبصرانه، وكان الجور هواهما، وقد سبق استيثاقنا عليهما في الحكم بالعدل والصمد للحق، بسوء رأيهما وجور حكمهما والثقة في أيدينا لأنفسنا حين خالفا سبيل الحق وأتيا بما لا يعرف، فبينوا لنا بماذا تستحلون قتالنا والخروج من جماعتنا إن اختار الناس رجلين أن تضعوا أسيافكم على عواتقكم ثم تستعرضوا الناس تضربون رقابهم وتسفكون دماءهم؟! إن هذا لهو الخسران المبين! والله لو قتلتم على هذا دجاجة لعظم عند الله قتلها، فكيف بالنفس التي قتلها عند الله حرام؟!
فتنادوا: لا تخاطبوهم ولا تكلموهم، وتهيؤا للقاء الرب! الرواح الرواح إلى الجنة! فخرج علي فعبأ الناس، فجعل على ميمنته حجر بن عدي، وعلى ميسرته شبث بن ربعي أو معقل بن قيس الرياحي، وعلى الخيل أبا أيوب الأنصاري، وعلى الرجالة أبا قتادة الأنصاري، وعلى أهل المدينة وهم سبعمائة أو ثمانمائة رجل، قيس بن سعد بن عبادة. قال: وعبأت الخوارج فجعلوا على ميمنتهم زيد بن حصين الطائي، وعلى الميسرة شريح بن أوفى العبسي، وعلى خيلهم حمزة بن سنان الأسدي، وعلى الرجالة حرقوص بن زهير السعدي.
قال: وبعث علي الأسود بن يزيد المرادي في ألفي فارس حتى أتى حمزة بن سنان وهو في ثلاثمائة فارس من خيلهم. ورفع علي راية أمان مع أبي أيوب فناداهم أبو أيوب: من جاء هذه الراية منكم ممن لم يقتل ولم يستعرض، فهو آمن، ومن انصرف منكم إلى الكوفة أو إلى المدائن وخرج من هذه الجماعة فهو آمن، إنه لا حاجة لنا بعد أن نصيب قتلة إخواننا منكم في سفك دمائكم!