مواظبة فاطمة عليها السلام على زيارة قبر عمها حمزة رحمه الله كان برنامج الصديقة الزهراء عليها السلام بعد وفاة أبيها خاصا، أبرز ما فيه التوديع والتأكيد! توديعها لعلي والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وأبرار الأمة، وتأكيدها قولا وعملا على ثوابت الإسلام أن تغير وتبدل! خاصة الترتيب الرباني لنظام الحكم الذي نقضته قريش، وإجراءاتهم التحريفية حول قبر النبي صلى الله عليه وآله!
لقد أصرت على مجالسها في النوح والندب على أبيها صلى الله عليه وآله، في مسجده عند قبره، وفي بيتها، وفي والبقيع، وفي أحد! فآتت المجالس ثمارها.
وكانت تزور قبر أبيها الحبيب صلى الله عليه وآله باستمرار وتبكي عنده، ثم تقيم مجلس عزائه وندبه في البقيع، وتزور عمها حمزة رحمه الله والشهداء في أحد كل اثنين وخميس، فهذان اليومان عزيزان عليها، كان يصومهما أبوها صلى الله عليه وآله وتصومهما معه، وفيهما تعرض الأعمال على رسول الله صلى الله عليه وآله، وفيهما تفتح أبواب الجنة. (منتهى المطلب للعلامة الحلي: 2 / 614، ومجموع النووي: 6 / 386 عن الترمذي وحسنه).
قال الإمام الصادق عليه السلام: (عاشت فاطمة بعد أبيها خمسة وسبعين يوما لم تر كاشرة ولا ضاحكة، تأتي قبور الشهداء في كل جمعة مرتين الاثنين والخميس فتقول: هاهنا كان رسول الله صلى الله عليه وآله هاهنا كان المشركون. وفي رواية: كانت تصلي هناك وتدعو حتى ماتت عليها السلام). انتهى. (الكافي: 3 / 228).
تقول بذلك صلوات الله عليها: من هاهنا وبهذه الدماء الطاهرة، وأغلاها دماء بني هاشم، وبهذه الجهود المتواصلة وأغلاها جهود بني هاشم، جاء هذا الفتح، وبني هذا المجد، الذي صادرته قريش، واستحلت حرق بيوتنا علينا، طمعا فيه!
فهذا هو أبي رسول الله صلى الله عليه وآله المؤسس لهذه الأمة، والشاهد على أعمالها.
وهذا هو حمزة عمي رحمه الله، وزير النبي وناصره، يثوي هنا شاهدا.
وذاك هو علي زوجي عليه السلام وزير النبي ووصيه، الذي قام الإسلام على أكتافه،