وأحييا ما أمات القرآن، واتبع كل واحد منهما هواه بغير هدى من الله، فحكما بغير حجة بينة ولا سنة ماضية، واختلفا في حكمهما وكلاهما لم يرشد، فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين. استعدوا وتأهبوا للسير إلى الشام، وأصبحوا في معسكركم إن شاء الله يوم الاثنين. ثم نزل وكتب إلى الخوارج بالنهر:
بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله على أمير المؤمنين إلى زيد بن حصين وعبد الله بن وهب ومن معهما من الناس. أما بعد، فإن هذين الرجلين اللذين ارتضينا حكمهما قد خالفا كتاب الله واتبعا أهواءهما بغير هدى من الله، فلم يعملا بالسنة ولم ينفذا للقرآن حكما، فبرئ الله ورسوله منهما والمؤمنون. فإذا بلغكم كتابي هذا فأقبلوا فإنا سائرون إلى عدونا وعدوكم، ونحن على الأمر الأول الذي كنا عليه والسلام.
وكتبوا إليه: أما بعد فإنك لم تغضب لربك إنما غضبت لنفسك، فإن شهدت على نفسك بالكفر واستقبلت التوبة، نظرنا فيما بيننا وبينك، وإلا فقد نابذناك على سواء إن الله لا يحب الخائنين! فلما قرأ كتابهم أيس منهم، فرأى أن يدعهم ويمضي بالناس إلى أهل الشأم حتى يلقاهم فيناجزهم....
ثم روى الطبري تباطأ أهل البصرة وأنه لم يلتحق منهم بمعسكر علي عليه السلام في النخيلة إلا ثلاثة آلاف ومئتا نفر، مع أن واليه ابن عباس حثهم!
ثم قال الطبري: (وبلغ عليا أن الناس يقولون لو سار بنا إلى هذه الحرورية فبدأنا بهم فإذا فرغنا منهم وجهنا من وجهنا ذلك إلى المحلين، فقام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإنه قد بلغني قولكم لو أن أمير المؤمنين سار بنا إلى هذه الخارجة التي خرجت عليه فبدأنا بهم فإذا فرغنا منهم وجهنا إلى المحلين، وإن غير هذه الخارجة أهم إلينا منهم، فدعوا ذكرهم وسيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا جبارين ملوكا ويتخذوا عباد الله خولا....
فبلغ ذلك عليا ومن معه من المسلمين من قتلهم عبد الله بن خباب واعتراضهم