إفطار أمير المؤمنين عليه السلام عند ابنته أم كلثوم (قالت أم كلثوم رضي الله عنها: كان أمير المؤمنين عليه السلام يفطر في شهر رمضان الذي قتل فيه ليلة عند الحسن، وليلة عند الحسين، وليلة عند أم كلثوم. فلما كانت ليلة تسع عشرة من شهر رمضان، قدمت إليه عند إفطاره طبقا فيه قرصان من خبز الشعير وقصعة فيها لبن وملح جريش، فلما فرغ من صلاته أقبل على فطوره.... فأكل قرصا واحدا بالملح الجريش، ثم حمد الله وأثنى عليه، ولم يزل تلك الليلة قائما وقاعدا وراكعا وساجدا، يخرج ساعة بعد ساعة يقلب طرفه في السماء وينظر في الكواكب وهو يقول: والله ما كذبت ولا كذبت، إنها الليلة التي وعدت! ثم يعود إلى مصلاه ويقول: اللهم بارك لي في الموت، ويكثر من قول لا إله إلا الله، إنا لله وإنا إليه راجعون، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ويصلي على النبي وآله ويستغفر الله كثيرا.
قالت أم كلثوم: فجعلت أرقب وقت الأذان، فلما لاح الوقت أتيته ومعي إناء فيه ماء، ثم أيقظته فأسبغ الوضوء وقام ولبس ثيابه وفتح بابه، ثم نزل إلى الدار وكان في الدار إوز قد أهدي إلى أخي الحسين، فلما نزل خرجن ورائه وصحن في وجهه، وكن قبل تلك الليل لم يصحن! فقال عليه السلام: لا إله إلا الله، صوائح تتبعها نوائح، وفي غداة غد يظهر القضاء، فقلت له: يا أبه هكذا تتطير، قال: يا بنية ما منا أهل البيت من يتطير ولا يتطير به.
ولما أراد الخروج تعلقت حديدة من الباب على مئزره، فشد إزاره وهو يقول:
أشدد حيازيمك للموت * فإن الموت لاقيكا ولا تجزع من الموت * إذا حل بواديكا. (نهج السعادة: 7 / 120) (ورآه عدي بن حاتم وبين يديه ماء قراح وكسيرات من خبز الشعير، فقال: لا