وادفني في الليل إذا هدأت العيون ونامت الأبصار. ثم توفيت صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها، فصاحت أهل المدينة صيحة واحدة واجتمعت نساء بني هاشم في دارها، فصرخن صرخة واحدة كادت المدينة أن تزعزع من صراخهن وهن يقلن: يا سيدتاه يا بنت رسول الله! وأقبل الناس مثل عرف الفرس إلى علي وهو جالس والحسن والحسين بين يديه يبكيان، فبكى الناس لبكائهما، وخرجت أم كلثوم وعليها برقعة وتجر ذيلها متجللة برداء عليها تسحبه وهي تقول: يا أبتاه يا رسول الله، الآن حقا فقدناك فقدا لا لقاء بعده، واجتمع الناس فجلسوا وهم يرجون وينظرون أن تخرج الجنازة فيصلون عليها.
وخرج أبو ذر فقال: انصرفوا فإن ابنة رسول الله قد أخر إخراجها في هذه العشية فقام الناس وانصرفوا، فلما أن هدأت العيون ومضى من الليل أخرجها علي والحسن والحسين وعمار والمقداد وعقيل والزبير وأبو ذر وسلمان وبريدة، ونفر من بني هاشم وخواصهم صلوا عليها ودفنوها في جوف الليل، وسوى علي حواليها قبورا مزورة مقدار سبعة، حتى لا يعرف قبرها). انتهى.
أين هو قبر فاطمة؟
لا أعرف أحدا استثمر موته وجنازته وموضع قبره في معارضة السلطة، كما استثمرت ذلك فاطمة الزهراء عليها السلام!
تقول بذلك للأجيال: أفهموا وفكروا لماذا غضبت فاطمة عليهم، فقاطعتهم ولم تكلمهم حتى لقيت ربها وأباها؟
ولماذا أوصت أن تدفن سرا حتى لا يحضروا جنازتها ولا يصلوا عليها؟!
ولماذا أوصت أن يعفى قبرها ولا يعرف مكانه؟
ولماذا عمل الأئمة من أولادها بوصيتها، فلم يحددوا قبرها ولم يبنوه؟
* *