يا أهل الكوفة: قد دعوتكم إلى جهاد هؤلاء القوم ليلا ونهارا وسرا وإعلانا، وقلت لكم أغزوهم قبل أن يغزوكم، فإنه ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا، فتواكلتم وتخاذلتم، وثقل عليكم قولي واستصعب عليكم أمري، واتخذتموه وراءكم ظهريا، حتى شنت عليكم الغارات، وظهرت فيكم الفواحش والمنكرات تمسيكم وتصبحكم! كما فعل بأهل المثلات من قبلكم، حيث أخبر الله عز وجل عن الجبابرة العتاة الطغاة المستضعفين الغواة، في قوله تعالى: يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم. أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد حل بكم الذي توعدون!
يا أهل الكوفة: عاتبتكم بمواعظ القرآن فلم أنتفع بكم! أدبتكم بالدرة فلم تستقيموا لي، وعاقبتكم بالسوط الذي يقام به الحدود فلم ترعووا، ولقد علمت أن الذي يصلحكم هو السيف! وما كنت متحريا صلاحكم بفساد نفسي! ولكن سيسلط عليكم سلطان صعب لا يوقر كبيركم ولا يرحم صغيركم ولا يكرم عالمكم، ولا يقسم الفئ بالسوية بينكم، وليضربنكم وليذلنكم، وليجرينكم في المغازي، وليقطعن سبيلكم وليحجبنكم على بابه، حتى يأكل قويكم ضعيفكم! ثم لا يبعد الله إلا من ظلم، وما أدبر شئ فأقبل! إني لأظنكم على فترة، وما علي إلا النصح لكم.
يا أهل الكوفة: منيت منكم بثلاث واثنتين: صم ذوو أسماع، وبكم ذوو ألسن، وعمي ذوو أبصار، لا إخوان صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء!
اللهم إني قد مللتهم وملوني، وسئمتهم وسئموني! اللهم لا ترض عنهم أميرا، ولا ترضهم عن أمير، وأمث قلوبهم كإيماث الملح في الماء!....
يا أهل الكوفة قد أتاني الصريخ يخبرني أن ابن غامد قد نزل بالأنبار على أهلها ليلا، في أربعة آلاف فأغار عليهم... الخ.). (الإرشاد: 1 / 283).
يشكو لحبيبه رسول الله صلى الله عليه وآله!
قال الحسن بن علي يوم قتل علي صلى الله عليه وآله: (خرجت البارحة وأبي يصلي في مسجد داره، فقال لي: يا بني إني بت أوقظ أهلي لأنها ليلة الجمعة صبيحة بدر، فملكتني عيناي فنمت فسنح لي رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد! (الإعوجاج والجدل) فقال لي: أدع عليهم . فقلت: اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم، وأبدلهم بي من هو شر مني). (نهج السعادة: 7 / 121) (فشكوت إليه ما أنا فيه من مخالفة أصحابي، وقلة رغبتهم في الجهاد، فقال: أدع الله أن يريحك منهم، فدعوت الله). (العقد الفريد: 3 / 124).
* *