تاريخ البشرية قام على ثقافة الغارة والحق لمن غلب!
لا بد من الاعتراف بأن تاريخ البشرية من عصر أبينا آدم عليه السلام إلى اليوم، ملئ بنقض التعليمات الإلهية والقيم الإنسانية، وأن الخط الحاكم فيه كان وما زال: ثقافة الغارة والقتل، وقانون: الحق لمن غلب! لافرق في ذلك بين قديم وجديد ولا شرق وغرب، ولا عرب وعجم، وبدو وحضر!
نعم، يوجد في تاريخ البشرية ظواهر وقيم إنسانية رائعة، تجسدت في شخصيات أو جماعات، لكنها استثناءات لا عموم لها، والعموم لضدها!
إن تاريخ الأنبياء والأوصياء عليهم السلام وكفاحهم المرير يتلخص فكريا، بأنه صراع الهدى الإلهي مع الضلال البشري، في النظرة إلى الكون والحياة والإنسان.
ويتلخص عمليا بأنه صراع بين الهدى الإلهي الذي يريد احترام الإنسان وحقوقه، وبين الطغيان البشري الذي يصر على هدر إنسانيته، والتشبث بثقافة الغارة والقتل وقانون الغلبة!
وفي تاريخنا الإسلامي تمكن نبينا صلى الله عليه وآله في مدة حكمه القصيرة أن يوقف سلوكية القتل والغارة، ويفرض بدلها (حرمة دم الإنسان وماله وعرضه، والمعتدي يعاقب)، وأن يوقف عمليا قانون الجاهلية العالمي (الحق لمن غلب) ويفرض بدله قانون: (الحق لصاحب الحق، والمعتدي يعاقب). وكان ما حققه صلى الله عليه وآله إنجازا وإعجازا في مجتمعات قبلية جائعة، تقوم حياتها على الغارة والقتل والغلبة!
ولم يقتصر الإعجاز النبوي في تطبيقه مبادئ حقوق الإنسان في قوله وفعله طوال حياته الشريفة، بل في اهتمامه الشديد بتوعية المسلمين على احترام هذه المبادئ، وترسيخ ثقافة القرآن والوحي في أصلها وحدودها وتطبيقها.
فنحن نلاحظ في سنته وسيرته صلى الله عليه وآله تأكيداته المتواصلة على هذه المبادئ