علي عليه السلام يلغي تمييز عمر بين المسلمين في العطاء وعلي عليه السلام هو الخليفة الوحيد الذي أعاد العدالة النبوية في التسوية بين المسلمين في العطاء، بعد أن ميزوا بينهم بعناوين ألبسوها ثوبا دينيا وشرفا قبليا! فمن كلام له عليه السلام في أواخر خلافته لما عوتب على التسوية في العطاء: (أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه، والله ما أطور به ما سمر سمير، وما أم نجم في السماء نجما. لو كان المال لي لسويت بينهم، فكيف وإنما المال مال الله. ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو يرفع صاحبه في الدنيا ويضعه في الآخرة، ويكرمه في الناس ويهينه عند الله! ولم يضع امرؤ ماله في غير حقه ولا عند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم، وكان لغيره ودهم، فإن زلت به النعل يوما فاحتاج إلى معونتهم، فشر خدين وألام خليل!). (نهج البلاغة: 2 / 6).
ولم يميز نفسه ولا عشيرته بني هاشم عن فقراء المسلمين وعلي عليه السلام هو الخليفة الوحيد، الذي لم يميز نفسه وقبيلته عن عامة المسلمين بدرهم واحد، وكان بعضهم في حاجة ماسة! فمن كلام له عليه السلام:
(والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهدا، وأجر في الأغلال مصفدا، أحب إلي من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالما لبعض العباد، أو غاصبا لشئ من الحطام. وكيف أظلم أحدا لنفس يسرع إلى البلى قفولها، ويطول في الثرى حلولها! والله لقد رأيت عقيلا وقد أملق، حتى استماحني من بركم صاعا، ورأيت صبيانه شعث الشعور غبر الألوان من فقرهم، كأنما سودت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكدا وكرر علي القول مرددا، فأصغيت إليه سمعي فظن أني أبيعه ديني وأتبع قياده مفارقا طريقتي، فأحميت له حديدة ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها وكاد أن يحترق من ميسمها! فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئن من