الناس، فبعث إليهم الحارث بن مرة العبدي ليأتيهم فينظر فيما بلغه عنهم، ويكتب به إليه على وجهه ولا يكتمه، فخرج حتى انتهى إلى النهر ليسائلهم فخرج القوم إليه فقتلوه! وأتى الخبر أمير المؤمنين والناس، فقام إليه الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين علام تدع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في أموالنا وعيالنا؟! سر بنا إلى القوم فإذا فرغنا مما بيننا وبينهم سرنا إلى عدونا من أهل الشام، وقام إليه الأشعث بن قيس الكندي فكلمه بمثل ذلك....
فنادى بالرحيل، وخرج فعبر الجسر فصلى ركعتين بالقنطرة، ثم نزل دير عبد الرحمن، ثم دير أبي موسى، ثم أخذ على قرية شاهي، ثم على دباها، ثم على شاطئ الفرات.... وبعث إلى أهل النهر: ادفعوا إلينا قتلة إخواننا منكم نقتلهم بهم، ثم أنا تارككم وكاف عنكم حتى ألقى أهل الشام، فلعل الله يقلب قلوبكم ويردكم إلى خير مما أنتم عليه من أمركم. فبعثوا إليه فقالوا: كلنا قتلتهم، وكلنا نستحل دماءهم ودماءكم!!... قيس بن سعد بن عبادة قال لهم: عباد الله أخرجوا إلينا طلبتنا منكم وادخلوا في هذا الأمر الذي منه خرجتم، وعودوا بنا إلى قتال عدونا وعدوكم، فإنكم ركبتم عظيما من الأمر: تشهدون علينا بالشرك والشرك ظلم عظيم، وتسفكون دماء المسلمين، وتعدونهم مشركين!! فقال عبد الله بن شجرة السلمي: إن الحق قد أضاء لنا، فلسنا نتابعكم أو تأتونا بمثل عمر! فقال: ما نعلمه فينا غير صاحبنا فهل تعلمونه فيكم؟! وقال: نشدتكم بالله في أنفسكم أن تهلكوها فإني لأرى الفتنة قد غلبت عليكم! وخطبهم أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري فقال: عباد الله إنا وإياكم على الحال الأولى التي كنا عليها، ليست بيننا وبينكم فرقة، فعلام تقاتلوننا؟ فقالوا: إنا لو بايعناكم اليوم حكمتم غدا! قال: فإني أنشدكم الله أن تعجلوا فتنة العام مخافة ما يأتي في قابل!!
* *