3 - ظلامة الأمة في السقيفة حيث تم نقلها من المسار النبوي إلى المسار القبلي! فقد أنشأ النبي صلى الله عليه وآله هذه الأمة بعين ربه وتوجيهه، ووضع سفينتها في بحر العالم، وأطلق مدها الحضاري الإنساني في مسيرة البشرية، في أقصر وقت وأقل كلفة! فتم له ذلك في عشر سنوات، ولم يزد عدد القتلى في كل حروبه من المسلمين وأعدائهم على ست مئة شخص! فكانت أمته خير أمة أخرجت للناس، لأنها منشأة بوحي ربها العليم الحكيم سبحانه، وإدارة رسوله المطيع الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وآله.
وقد وضع الله تعالى لهذه الأمة برنامجا لتبقى خير أمة، بقيادة الأئمة من عترة نبيها صلى الله عليه وآله، فكان النبي صلى الله عليه وآله يكرر على أسماع المسلمين في مناسبات عديدة: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، وهو حديث متواتر عند الجميع.
ولكن قريشا رفضت وصية نبيها بإمامة عترته، لنفس السبب الذي رفضت نبوته صلى الله عليه وآله! واتهم منافقوها رسول الله صلى الله عليه وآله بنفس ما اتهموه به على النبوة! فكانوا يهمسون بينهم بأن محمدا يريد أن يؤسس ملكا لبني هاشم كملك كسرى وقيصر! فاليوم ابن عمه علي ابن الثلاث وثلاثين سنة، وبعده أولاد ابنته فاطمة وهم الآن دون العاشرة عليهم السلام! كانوا يقولون: إذا دخلت الخلافة في بني هاشم فلن تخرج منهم أبدا، وسينتظر بها الحبالى، ولن يصل إلى بقية القبائل شئ!
وهذا ظلم لقبائل قريش ما بعده ظلم!!
نعم، لقد تبنت قريش هذا المنطق القبلي البعيد عن الدين، واتخذت قرارها بإجماع طلقائها ومن وافقهم من مهاجريها بأن بني هاشم تكفيهم النبوة، أما الخلافة فيجب أن تكون لقبائل قريش الأخرى! واتخذوا قرارا بأن على زعماء قريش بتأييد الطلقاء الذين حشدوهم في المدينة، أن يبادروا بمجرد وفاة النبي