فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين. ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل....
وسار جماعة من أهل الكوفة يريدون الخوارج ليكونوا معهم فردهم أهلوهم كرها، منهم القعقاع بن قيس الطائي عم الطرماح بن حكيم، وعبد الله بن حكيم بن عبد الرحمن البكائي، وبلغ عليا أن سالم بن ربيعة العبسي يريد الخروج فأحضره عنده ونهاه، فانتهى.
ولما خرجت الخوارج من الكوفة أتى عليا أصحابه وشيعته فبايعوه وقالوا: نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت، فشرط لهم فيه سنة رسول الله (ص) فجاءه ربيعة بن أبي شداد الخثعمي، وكان شهد معه الجمل وصفين ومعه راية خثعم، فقال له: بايع على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله فقال ربيعة: على سنة أبي بكر وعمر! قال له علي: ويلك لو أن أبا بكر وعمر عملا بغير كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكونا على شئ من الحق! فبايعه، فنظر إليه علي وقال: أما والله لكأني بك وقد نفرت مع هذه الخوارج فقتلت، وكأني بك وقد وطئتك الخيل بحوافرها! فقتل يوم النهر مع خوارج البصرة! وأما خوارج البصرة فإنهم اجتمعوا في خمسمائة رجل وجعلوا عليهم مسعر بن فدكي التميمي، فعلم بهم ابن عباس فأتبعهم أبا الأسود الدؤلي فلحقهم بالجسر الأكبر فتواقفوا حتى حجز بينهم الليل وأدلج مسعر بأصحابه وأقبل يعترض الناس وعلى مقدمته الأشرس بن عوف الشيباني، وسار حتى لحق بعبد الله بن وهب بالنهر.
لما خرجت الخوارج وهرب أبو موسى إلى مكة (بعد التحكيم وخوفه من غضب الناس عليه) قام (علي عليه السلام) في الكوفة فخطبهم فقال: الحمد لله وإن أتى الدهر بالخطب الفادح والحدثان الجليل... وقد تقدم بعضها من نهج البلاغة، وزاد الطبري فيها:
ألا إن هذين الرجلين اللذين اخترتموها حكمين قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما