في جناته. فأخرجوا بنا إخواننا من هذه القرية الظالم أهلها إلى بعض كور الجبال أو إلى بعض هذه المدائن، منكرين لهذه البدع المضلة!
فقال له حرقوص بن زهير: إن المتاع بهذه الدنيا قليل، وإن الفراق لها وشيك، فلا تدعونكم زينتها وبهجتها إلى المقام بها، ولا تلفتنكم عن طلب الحق وإنكار الظلم، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
فقال حمزة بن سنان الأسدي: يا قوم إن الرأي ما رأيتم، فولوا أمركم رجلا منكم فإنه لابد لكم من عماد وسناد، وراية تحفون بها وترجعون إليها.
فعرضوها على زيد بن حصين الطائي فأبى، وعرضوها على حرقوص بن زهير فأبى، وعلى حمزة بن سنان وشريح بن أوفى العبسي فأبيا، وعرضوها على عبد الله بن وهب فقال: هاتوها أما والله لا آخذها رغبة في الدنيا، ولا أدعها فرقا من الموت! فبايعوه لعشر خلون من شوال، وكان يقال له ذو الثفنات!
ثم اجتمعوا في منزل شريح بن أوفى العبسي فقال ابن وهب: إشخصوا بنا إلى بلدة نجتمع فيها لإنفاد حكم الله، فإنكم أهل الحق. قال شريح نخرج إلى المدائن فننزلها ونأخذ بأبوابها ونخرج منها سكانها، ونبعث إلى إخواننا من أهل البصرة فيقدمون علينا. فقال زيد بن حصين: إنكم إن خرجتم مجتمعين اتبعتم، ولكن أخرجوا وحدانا مستخفين، فأما المدائن فإن بها من يمنعكم، ولكن سيروا حتى تنزلوا جسر النهروان، وتكاتبوا إخوانكم من أهل البصرة. قالوا: هذا الرأي، وكتب عبد الله بن وهب إلى من بالبصرة منهم يعلمهم ما اجتمعوا عليه ويحثهم على اللحاق بهم، وسير الكتاب إليهم فأجابوه أنهم على اللحاق به!
فلما عزموا على المسير تعبدوا ليلتهم وكانت ليلة الجمعة ويوم الجمعة، وساروا يوم السبت، فخرج شريح بن أوفى العبسي وهو يتلو قول الله تعالى: