منصرف عنكم وراحل في ليلتي هذه ولاحق بحبيبي محمد صلى الله عليه وآله كما وعدني، وما زال يتشهد الشهادتين، ثم استقبل القبلة وغمض عينيه ومد رجليه وأسبل يديه، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم قضى نحبه صلوات الله عليه.
وارتفعت الصيحة في بيت الإمام عليه السلام وحوله في منطقة القصر، فعلم أهل الكوفة أن أمير المؤمنين عليه السلام قد قبض، فأقبل النساء والرجال يهرعون أفواجا أفواجا، وصاحوا صيحة عظيمة فارتجت الكوفة بأهلها، وكثر البكاء والنحيب والضجيج بالكوفة وقبائلها ودورها وأقطارها، فكان ذلك كيوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، وكنا نسمع جلبة وتسبيحا في الهواء فعلمنا أنها أصوات الملائكة، فلم يزل كذلك إلى أن طلع الفجر). (الأنوار العلوية للنقدي ص 383).
أوصى عليه السلام أن يدفنوه سرا لئلا ينبش قبره بنو أمية!
أوصى أمير المؤمنين ولده الإمام الحسن عليه السلام فقال له: (إذا أنا مت فغسلني وكفني وحنطني ببقية حنوط جدك رسول الله، فإنه من كافور الجنة جاء به جبرئيل عليه السلام إليه، ثم ضعني على سريري، ولا يتقدم أحد منكم يحمل السرير، واحملوا مؤخره واتبعوا مقدمه، فأي موضع وضع المقدم فضعوا المؤخر، فحيث أقام سريري فهو موضع قبري، ثم تقدم يا أبا محمد وصل علي يا بني يا حسن وكبر علي سبعا، واعلم أنه لا يحل ذلك لأحد غيري، إلا على رجل يخرج في آخر الزمان اسمه القائم المهدي من ولد الحسين عليه السلام، يقيم إعوجاج الحق. فإذا أنت صليت علي فنح السرير عن موضعه، ثم اكشف التراب عنه فترى قبرا محفورا ولحدا مثقوبا وساجة منقورة، فأضجعني فيها، فإذا أردت الخروج من قبري فافتقدني فإنك لا تجدني وإني لاحق بجدك رسول الله صلى الله عليه وآله، واعلم يا بني ما من نبي يموت وإن كان مدفونا بالمشرق ويموت وصيه بالمغرب إلا ويجمع الله عز وجل بين روحيهما وجسديهما ثم يفترقان