المسألة الثانية: الصحابة المنقلبون في معركة الخندق وحجة الوداع نلاحظ أن صفات المنقلبين في أحد في السنة الثانية للهجرة، بقيت ثابتة لهم في معركة الأحزاب في السنة الخامسة للهجرة، وكذلك في حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة! ففي الآية العاشرة حتى السابعة عشرة من سورة الأحزاب تجد وحدة الخيوط وأقسام المسلمين! فالثابتون المحسنون الربانيون قلة، والضعفاء كثرة، والمنافقون ناشطون، ولا نقصد بهم حزب ابن سلول، بل المنافقين المهاجرين المخلوطين بالمؤمنين! فالذين قال الله عنهم في معركة أحد: (وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شئ)! هم أنفسهم الذين قال الله عنهم في معركة الأحزاب: (وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا).
ومرضى القلوب في أحد، الذين فروا إلى الجبل وقالوا: (لو كان نبيا ما قتل)!
هم المنافقون الذين قال الله عنهم في سورة الأحزاب: (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا).
والذين قال الله تعالى لهم في أحد: (ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون).
هم الذين قال الله عنهم هنا: (ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسئولا. أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا).
والذين ثبتوا في أحد فقال الله عنهم: (وكأين من نبى قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين).