يلعنه وهذا يبصق في وجهه، ويقولون له: يا عدو الله ماذا صنعت؟ أهلكت أمة محمد صلى الله عليه وآله وقتلت خير الناس! وهو صامت وبين يديه رجل يقال له حذيفة النخعي بيده سيف مشهور يرد الناس عن قتله وهو يقول: هذا قاتل أمير المؤمنين! فلما نظر إليه الحسن عليه السلام قال له: ويلك يا عدو الله أنت قاتل أمير المؤمنين ومثكلنا بإمام المسلمين، هذا جزاؤه منك؟! فقال له اللعين: يا أبا محمد فأنت تنقذ من في النار! فعند ذلك ضج الناس بالبكاء والنحيب فأمرهم الحسن عليه السلام بالسكوت).
أمرهم أن يحملوه إلى البيت قال محمد بن الحنفية: ثم إن أبي قال: إحملوني إلى موضع مصلاي في منزلي. قال: فحملناه إليه وهو مدنف، والناس حوله، وهم في أمر عظيم، وقد أشرفوا على الهلاك من شدة البكاء والنحيب! ثم أدخل إلى حجرته عليه السلام في محرابه. وأقبلت زينب وأم كلثوم تندبانه وتقولان: يا أبتاه من للصغير حتى يكبر، ومن للكبير بين الملأ، يا أبتاه حزننا عليك طويل، وعبرتنا لا ترقأ!
فضج الناس بالبكاء من وراء الحجرة، وفاضت دموع أمير المؤمنين عليه السلام وجعل ينظر إلى أهل بيته وأولاده.
وجاؤا باللعين ابن ملجم مكتوفا، فقالت له أم كلثوم وهي تبكي: يا ويلك أما أبي فأرجو أن لا يكون عليه بأس، وأن الله يخزيك في الدنيا والآخرة، وأن مصيرك إلى النار خالدا فيها. فقال اللعين: إبك إن كنت باكية، فوالله لقد اشتريت سيفي بألف وسممته بألف، ولو كانت ضربتي هذه لجميع أهل الكوفة ما نجا منهم أحد! فصرخت أم كلثوم ونادت: وا أبتاه وا علياه!
وأدخلوا ابن ملجم إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أطيبوا طعامه، وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا ولي دمي، إما عفوا وإما قصاصا، وإن أمت فألحقوه بي ضربة بضربة