ويقولون: هذا استجار بقبر أبينا ونحن أحق بإجارته! فأصبح هشام على عادته متطلعا من قصره إلى القبر فقال: ما هذا؟ فقالوا: لعله مستجير بالقبر! فقال: يجار من كان إلا الكميت فإنه لا جوار له. فقيل: فإنه الكميت. فقال: يحضر أعنف إحضار! فلما دعى به ربط الصبيان ثيابهم بثيابه، فلما نظر هشام إليهم اغرورقت عيناه واستعبر وهم يقولون: يا أمير المؤمنين استجار بقبر أبينا وقد مات وما حظه من الدنيا، فاجعله هبة له ولنا، ولا تفضحنا فيمن استجار به! فبكى هشام حتى انتحب ثم أقبل على الكميت فقال له....) (الغدير: 2 / 207) وذكر عتابه للكميت على قصائده المدوية في ذم بني أمية، واعتذار الكميت، وعفوه عنه.
ورووا قصة استجارة عجرد الشاعر بقبر سليمان بن علي العباسي وعفو المنصور عنه، ذكر ذلك الصولي في (أشعار أولاد الخلفاء وأخبارهم ص 2). إلى آخر قصص الاستجارة بالقبر في الجاهلية والإسلام.
إجراء جديد لمنع مجلس فاطمة عليها السلام رغم كل هذه الإجراءات، بقي مجلس فاطمة الزهراء عليها السلام مصدر قلق للحكومة الجديدة، فعملت لمنعه بحديث روته عن النبي صلى الله عليه وآله ينهى عن أصل البكاء على الميت، لأن الله يعذبه ببكاء أهله عليه! قال البخاري: 2 / 85: (وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه. وكان عمر يضرب فيه بالعصا ويرمي بالحجارة ويحثي بالتراب)!
لكن حديث عمر وتشدده في تطبيقه لم ينفع في إيقاف مجالس فاطمة الزهراء عليها السلام! خاصة أن نساء الأنصار كن ينحن في عهد النبي صلى الله عليه وآله فلم ينههن بل أقمن مجلس نياحة على حمزة عند باب المسجد يعزين بذلك النبي صلى الله عليه وآله في عمه حمزة رحمه الله! فقد روى أحمد في مسنده: 2 / 40، عن ابن عمر أن رسول الله لما رجع من أحد فجعلت نساء الأنصار يبكين على من قتل من أزواجهن، قال فقال