ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين. يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضا تقولون قتل أمير المؤمنين، لا يقتلن في إلا قاتلي، أنظروا إذا أنا مت من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة، ولا يمثل بالرجل، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور.
ثم دعا أمير المؤمنين الحسن والحسين فكلمهما وحضنهما وقبلهما، ثم أغمي عليه ساعة طويلة وأفاق، فناوله الحسن قعبا من لبن فشرب منه قليلا، ثم نحاه عن فيه، وقال: إحملوه إلى أسيركم)! (الأنوار العلوية للنقدي ص 383).
استدعوا طبيب الجراحات الصعبة قال حبيب بن عمرو: دخلت على سيدي ومولاي أمير المؤمنين عليه السلام وعنده الأشراف من القبائل وشرطة الخميس، وما منهم أحد إلا وماء عينيه يترقرق على سوادها حزنا لأمير المؤمنين عليه السلام، ورأيت الحسن والحسين صلى الله عليه وآله ومن معهما من الهاشميين، وما تنفس منهم أحد إلا وظننت أن شظايا قلبه تخرج مع نفسه، وقد أرسلوا خلف أثير بن عمرو الجراح، وكان يعالج الجراحات الصعبة، فلما نظر أثير إلى جرح أمير المؤمنين عليه السلام دعا برئة شاة حارة، فاستخرج منها عرقا وأدخله في الجرح، ثم نفخه ثم استخرجه، وإذا عليه بياض الدماغ. فقال الناس: يا أثير كيف جرح أمير المؤمنين عليه السلام فخرس أثير عن جوابهم وتلجلج. ثم قال: يا أمير المؤمنين أعهد عهدك فإن عدو الله قد وصلت ضربته إلى أم رأسك! فدعا علي عليه السلام عند ذلك بدواة وصحيفة، وكتب وصيته:
هذا ما أوصى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أوصى بأنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، صلوات الله وبركاته عليه، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين.