من خساسة أعداء أمير المؤمنين عليه السلام في صفين يعرف القرشيون جيدا السمو الأخلاقي الذي يتصف به بنو هاشم، ولذلك ابتكر فرسان قريش أسلوبا في الدفاع عن أنفسهم عند مبارزتهم لبني هاشم.
روى ابن كثير في السيرة: 3 / 39، ناقلا عن ابن هشام: (لما اشتد القتال يوم أحد، جلس رسول الله (ص) تحت راية الأنصار، وأرسل إلى علي أن قدم الراية، فقدم علي وهو يقول: أنا أبو القضم، فناداه أبو سعد بن أبي طلحة، وهو صاحب لواء المشركين: هل لك يا أبا القضم في البراز من حاجة؟ قال: نعم. فبرزا بين الصفين فاختلفا ضربتين، فضربه علي فصرعه ثم انصرف ولم يجهز عليه! فقال له بعض أصحابه: أفلا أجهزت عليه؟ فقال: إنه استقبلني بعورته فعطفتني عليه الرحم، وعرفت أن الله قد قتله! وقد فعل ذلك علي رضي الله عنه يوم صفين مع بسر بن أبي أرطاة، لما حمل عليه ليقتله أبدى له عورته، فرجع عنه.
وكذلك فعل عمرو بن العاص حين حمل عليه علي في بعض أيام صفين، أبدى عن عورته، فرجع علي أيضا. ففي ذلك يقول الحارث بن النضر:
أفي كل يوم فارس غير منته * وعورته وسط العجاجة باديه يكف لها عنه علي سنانه * ويضحك منها في الخلاء معاويه!!
انتهى كلام ابن كثير، لكنه لم يورد بقية أبيات الحارث بن النضر، وهي:
بدت أمس من عمرو فقنع رأسه * وعورة بسر مثلها حذو حاذيه فقولا لعمرو وابن أرطاة أبصرا * سبيلكما لا تلقيا الليث ثانيه ولا تحمدا إلا الحيا وخصاكما * هما كانتا والله للنفس واقيه فلولا هما لم تنجوا من سنانه * وتلك بما فيها عن العود ناهيه متى تلقيا الخيل المشيحة صبحة * وفيها علي فاتركا الخيل ناحية