الخبر أمير المؤمنين والناس فقام إليه الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين علام تدع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في أموالنا وعيالنا، سر بنا إلى القوم فإذا فرغنا مما بيننا وبينهم سرنا إلى عدونا من أهل الشأم....
ثم جاء مقبلا إليهم ووافاه قيس وسعد بن مسعود الثقفي بالنهر، وبعث إلى أهل النهر: ادفعوا إلينا قتلة إخواننا منكم نقتلهم بهم، ثم أنا تارككم وكاف عنكم حتى ألقى أهل الشأم، فلعل الله يقلب قلوبكم ويردكم إلى خير مما أنتم عليه من أمركم، فبعثوا إليه فقالوا: كلنا قتلتهم، وكلنا نستحل دماءهم ودماءكم)!! انتهى.
فقد رأينا أنهم لم يستوعبوا في حرب الجمل التفريق بين جواز قتال البغاة، وتحريم أموالهم إلا ما حواه معسكرهم، فطالبوا أمير المؤمنين عليه السلام بإباحة أموال أنصار عائشة ونساءهم، لأن جواز قتالهم حسب فهمهم يستوجب إباحة نسائهم!
ورأينا أنهم كفروا الصحابي عبد الله بن خباب رحمه الله لأنه خالف رأيهم في علي عليه السلام ولم يتبرأ منه! ثم قتلوا امرأته وجنينها من شدة تقواهم!
ثم رأينا استحلالهم لدم علي عليه السلام ودماء المسلمين الذين خالفوهم جميعا.
وفي نفس الوقت رأيناهم يحرمون على أنفسهم التمرة الساقطة من النخلة! ويحكمون على صاحبهم بأنه مفسد في الأرض لأنه قتل خنزيرا اعترضه!
أما لماذا صار التكفير عندهم سهلا محببا إلى قلوبهم كالماء البارد في الصحراء القاحلة؟! فجوابه: أن الجماعة لشدة تقواهم يعيشون شوقا قويا إلى (الجهاد في سبيل الله تعالى) والرواح إلى الجنة! وجهاد من خالفهم يتوقف على تكفيرهم واستحلال قتلهم! فهم مضطرون إلى ترتيب مواد (شرعية) متعددة، إذا انطبقت واحدة منها على المسلم يصير كافرا واجب القتل شرعا، ويكون قتاله جهادا!!
وهذا نفس منهج خوارج عصرنا، لافرق فيه إلا في تغيير بعض مواد التكفير!