وكل اضطراب حدث فأصله الأشعث، ولولا محاقته أمير المؤمنين في معنى الحكومة في هذه المرة لم تكن حرب النهروان، ولكان أمير المؤمنين ينهض بهم إلى معاوية ، ويملك الشام فإنه حاول أن يسلك معهم مسلك التعريض والمواربة، وفي المثل النبوي صلوات الله على قائله: الحرب خدعة، وذاك أنهم قالوا له: تب إلى الله مما فعلت كما تبنا ننهض معك إلى حرب أهل الشام، فقال لهم كلمة مجملة مرسلة قالها الأنبياء والمعصومون، وهي قوله: أستغفر الله من كل ذنب، فرضوا بها وعدوها إجابة لهم إلى سؤلهم، وصفت له نياتهم، واستخلص بها ضمائرهم، من غير أن تتضمن تلك الكلمة اعترافا بكفر أو ذنب، فلم يتركه الأشعث، وجاء إليه مستفسرا وكاشفا عن الحال). انتهى.
وفي تاريخ اليعقوبي: 2 / 137: قال أبو بكر في مرضه الذي توفي فيه وهو يتحسر على أشياء ليته لم يفعلها منها هجومه على بيت فاطمة الزهراء عليها السلام، وأشياء ليته لم يفعلها منها قتل الأشعث قال: (فليتني قدمت الأشعث بن قيس تضرب عنقه، فإنه يخيل إلي أنه لا يري شيئا من الشر إلا أعان عليه!). انتهى وتاريخ الأشعث ملئ بالغدر والنفاق، فقد جاء في وفد كندة إلى النبي في سنة وفاته صلى الله عليه وآله، ثم أعلن ارتداده مع قبيلة بني وليعة في حضرموت كما رأيت، ثم استطاع بدهائه أن ينال عفو أبي بكر ويتزوج أخته أم فروة!
وكان علي عليه السلام يعرف نفاقه وعمله مع معاوية، لكنه كان مجبورا على مداراته بسبب قبيلته، وكان يقول له في نفسه قولا بليغا!
وقد تآمر الأشعث مع معاوية في صفين على علي عليه السلام، ثم تآمر مع الخوارج وربما مع معاوية على قتل أمير المؤمنين عليه السلام! ففي الكافي: 8 / 167: عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (إن الأشعث بن قيس شرك في دم أمير المؤمنين عليه السلام، وابنته جعدة سمت الحسن عليه السلام، ومحمد ابنه شرك في دم الحسين عليه السلام)!!