الصفات، وردها إذا لم تستجمعها بالحاكم - كما فهمه منه الشارح المحقق (1) - أمكن أن يقال: إن مقتضى إطلاق أدلة شهادة العدلين جواز العمل بها لكل أحد، وإن لم يحكم بمقتضاها الحاكم، بل حكم الحاكم أيضا بمقتضاها نوع من العمل بها قد استفيد من تلك الأدلة ومن غيرها، ودعوى اختصاص أدلة حجيتها في الحقوق بغير صورة الخصومة بعيدة.
وإن أريد من ذلك أن البينة إن كانت حجة لكل من قامت عنده، إلا أن تشخيص استجماعها للشرائط وعدمها منوط باجتهاد الحاكم، في أنها استجمعت للشرائط أو لا، كما فهمه بعض آخر (2) من العبارة المذكورة.
ففيه: - مع امكان دعوى مثل ذلك في الاقرار في كثير من عباراته المشكلة وشرائطه المختلف فيها - أن إناطة قبول البينة وردها باجتهاد الحاكم إنما هي لأجل حكمه الذي هو نوع من عمله بها، فإذا فرضنا جواز عمل الغير أيضا بها اعتبر استجماعها للشرائط في نظره، وإن لم يكن كذلك في نظر الحاكم، إذ لا يصح أن يكون الحجة لغير الحاكم البينة الجامعة للشرائط عند الحاكم وإن كان فاقدا عند ذلك الغير، مع أنه قد يكون قبول الحاكم للبينة معلوما، لكنه لم ينشئ الحكم بعد ذلك لانتظار التماس المدعي أو غيره مما لا مدخل له في قبول البينة.
وأما ما تقدم من كون الاقرار بالحق كنفس الحق قابلا للدعوى والانكار والاقرار والاحلاف عليه، فالبينة وإن لم يكن كذلك، إلا أن ذلك لأجل عدم سببية البينة لثبوت الحق وقابليته لحكم الحاكم على طبقها إلا إذا