فإذا كان كذلك وأمره بالجناية على غيره فلا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكرهه عليه أو لا يكرهه فإن لم يكرهه عليه وإنما أمره به ففعله العبد فإن العبد هو الجاني: وعليه القصاص إن كانت الجناية توجب القصاص، وإن عفى عن القصاص على مال تعلق أرش الجناية برقبة العبد يباع فيه ويقدم على حق المرتهن، وأما السيد فلا يلزمه من هذه الجناية شئ في ذمته لكنه يأثم بأمره إياه بها. فإن كان العبد مكرها على ذلك لا يسقط القصاص عنه بالإكراه لأن الإكراه عندنا في القتل لا يصح.
وإذا عفى على مال وجب المال وتعلق برقبة العبد يباع في ذلك بقدر الجناية وإن كان العبد صبيا إلا أنه مميز فالحكم فيه كما ذكرناه في البايع، وقد روى أصحابنا أن حد ذلك عشر سنين فإنهم قالوا: إذا بلغ ذلك اقتص منه وأقيم عليه الحدود التامة.
وأما إذا كان غير مميز لصغر أو كان قريب العهد بالإسلام بأن يكون جلب عن قرب ولا يعرف أحكام الاسلام بوجه فإن السيد هو الجاني هاهنا والعبد كالآلة له وكان القصاص على السيد دون العبد والمال في ذمته ولا يتعلق برقبة العبد فإن كان له مال سوا هذا العبد أدى منه، وإن لم يكن له مال سواه فقد قيل: إنه لا يباع العبد المرهون فيه لأن الجناية من جهة المولى دون العبد، والأرش في ذمة المولى ولا يتعلق برقبة العبد، وقد قيل إنه يباع فيه، والأول أحوط.
وإذا بيع على هذا القول أخذ من السيد قيمة العبد يجعل (1) رهنا مكانه إن كان له مال في الحال، وإن لم يكن له مال في الحال أخذ منه قيمته إذا أيسر لأن بيعه في الجناية سبب من جهته فصار كأنه المتلف، وفي الناس من قال: إذا لم يكن له مال سواه بيع العبد في الجناية لأنه قد باشر الجناية، وإن كانت منسوبة إلى سيده فإذا لم يكن له مال سواه وجب بيعه في أرشها.
وإذا رهن رجل عبد غيره بدين عليه بإذن صاحب العبد فالأولى أن يكون العبد عارية، وقيل: إنه يكون ضمانا فإنما قلنا بالأول لأنه ملك الغير، وإنما قبضه