وإن كان دين إلى شهر فضمنه ضامن إلى شهرين كان جايزا ولا يكون له مطالبته إلا بعد الشهرين.
فإن مات الضامن في الحال حل الدين في تركته وكان له أن يطالب ورثته بقضاء في الحال ومن قال: بالتخيير قال: له مطالبة ورثة الضامن في الحال، وليس له أن يطالب المضمون عنه إلا بعد حلول الأجل لأن الدين لم يحل عليه.
فإذا أخذ من ورثة الضامن برئ الضامن والمضمون عنه، ولم يكن لورثة الضامن أن يرجعوا على المضمون عنه حتى ينقضي الأجل لأن الدين عليه مؤجل فلا يجوز مطالبته به قبل محله ومن قال: بالتخيير قال هكذا في المضمون عنه.
إذا مات حل الدين عليه ولا يجوز مطالبة الضامن لأنه لم يحل عليه فإذا استوفى ذلك من تركته سقط عن الضامن والمضمون عنه بلا خلاف ومتى أدى الضامن الدين سقط عن المضمون عنه فهل يرجع عليه أم لا؟ فيه أربع مسائل:
إحداها: أن يكون قد ضمن بأمر من عليه الدين وأدى بأمره.
الثانية: أنه لا يضمن بأمره ولم يؤد بأمره.
الثالثة: أن يكون ضمن بأمره وأدى بغير أمره.
الرابعة: أن يكون ضمن بغير أمره وأدى بأمره فإذا ضمن بأمره وقضى بأمره فإنه يرجع به عليه لأنه أذن له في ذلك فيلزمه قضاؤه، وأما إذا ضمن بغير أمره وأدى بغير أمره فإنه يكون متبرعا فلا يرجع به عليه.
وأما إذا ضمن عنه بإذنه وأدى بغير إذنه فإنه يلزمه لأنا قد بينا أن بنفس الضمان انتقل الدين إلى ذمته، ولا يحتاج في قضائه إلى إذنه.
وأما إذا ضمن بغير أمره وأدى بأمره فإنه لا يرجع عليه لأنه التزم بغير أمر منه متبرعا فانتقل المال إلى ذمته فلا تأثير لإذنه له في القضاء عنه لأن قضاه بعد الضمان إنما هو عن نفسه لا عن غيره لأنه واجب عليه دونه.
فأما بيان الحقوق التي يصح فيها الضمان ولا يصح فجملته أن الحقوق على أربعة أضرب: حق لازم مستقر، وحق لازم غير مستقر، وحق ليس بلازم ولا يؤول إلى اللزوم،