* (كتاب الحوالة) * الحوالة عقد من العقود يجب الوفاء به لقوله تعالى " أوفوا بالعقود " (1) و وجوب الوفاء به يدل على جوازه، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: مطل الغني ظلم وإذا اتبع أحدكم على ملي فليتبع، وروي عنه صلى الله عليه وآله إذا أحيل أحدكم على ملي فليحتل (2) وأجمعت الأمة على جواز الحوالة وإن اختلفوا في مسائل منها.
والحوالة مشتقة من تحويل الحق من ذمة إلى ذمة ويقال أحاله بالحق عليه يحليه إحالة، واحتال الرجل إذا قبل الحوالة. فالمحيل الذي عليه الحق، والمحتال الذي يقبل الحوالة، والمحال عليه هو الذي عليه الحق للمحيل، والمحال به هو الدين نفسه فإذا ثبت ذلك فالحوالة متعلقة بثلاثة أشخاص: محيل ومحتال ومحال عليه مثل الضمان يتعلق بضامن ومضمون له ومضمون عنه، والكلام بعده في بيان من يعتبر رضاه في صحة الحوالة ومن لا يعتبر رضاه.
فأما المحيل فلا بد من اعتبار رضاه بالحوالة لأن من عليه الحق مخير في جهات القضاء (3) في أمواله وحقوقه فمن أيها أراد القضاء ومن أي مال كان ذلك له ولم يجبر على غيره ولو لم يعتبر رضاه بالحوالة لأدى ذلك إلى أن يجبره على القضاء من جهة دون أخرى.
وأما المحتال فلا بد من اعتبار رضاه بها وأما المحال عليه فلا بد من اعتبار رضاه لأنه إذا حصل رضاء هؤلاء أجمع صحت الحوالة بلا خلاف، وإذا لم يحصل فيه خلاف فإذا ثبت ذلك فالحوالة إنما تصح في الأموال التي هي ذوات أمثال فمن أتلف شيئا منها لزمه مثله وذلك مثل الطعام والدراهم والدنانير وما جرى مجراها، وأما المال الذي يثبت في الذمة مثله في القرض والعقد ولا يثبت بإتلاف فهل يصح فيه الحوالة؟