فالثاني: أنه يكون مفرطا في ذلك لأنه أشهد عليه بالقضاء شاهدين لا يثبت بهما الحق فأما إن أشهد عليه شاهدا واحدا فإن كان حيا حاضرا شهد له بذلك وحلف معه ثبت له الحق، وإن مات أو غاب ففيه وجهان:
أحدهما: أنه يرجع بالألف الأول لأنه ما فرط لأن الشاهد الواحد مع اليمين حجة مثل الشاهدين.
والثاني يكون مفرطا في ذلك لا يرجع بالألف الأول لأن الشاهد مع اليمين ليس بحجة عند جميع الحكام. فإذا عدل إليهما عما هو حجة عند الجميع كان مفرطا لا يصح ضمان المجهول سواء كان واجبا في حال الضمان أو غير واجب، ولا يصح ضمان ما لم يجب سواء كان معلوما أو مجهولا فالمجهول الذي ليس بواجب مثل أن يقول: ضمنت لك ما تعامل فلانا أو ما تقرضه أو ما تداينه فهذا لا يصح لأنه مجهول، ولأنه غير واجب في الحال، والمجهول الذي هو واجب مثل أن يقول: أنا ضامن لما يقضي لك به القاضي على فلان أو ما يشهد لك به البينة من المال عليه أو ما يكون مثبتا في دفترك فهذا لا يصح لأنه مجهول، وإن كان واجبا في الحال، وقال قوم من أصحابنا: إنه يصح أن يضمن ما يقوم به البينة دون ما يخرج به في دفتر الحساب، ولست أعرف به نصا، والمعلوم الذي لا يجب مثل أن يقول: أنا ضامن لما تقرضه لفلان من درهم إلى عشرة فهذا لا يصح لأنه غير واجب يصح الضمان عن الميت سواء خلف وفاء أو لم يخلف.
العبد إذا ضمن لم يخل إما أن يكون مأذونا له في التجارة (1) أو غير مأذون له فيها فإن كان غير مأذون له فيها لم يخلو من أحد أمرين: إما أن يضمن بإذن سيده أو بغير إذنه فإن ضمن بغير إذنه لا يصح ضمانه، وقال قوم: يصح ضمانه، ويلزمه في ذمته يتبع به إذا عتق، وأما إذا ضمن بإذن سيده فإنه يصح ضمانه بلا خلاف، وقيل: إنه يتعلق بكسبه، وقيل: إنه يتعلق بذمته هذا إذا أطلق ذلك فأما إذا عين مال الضمان في كسبه أو في ذمته أو في مال غيرهما من أمواله تعين فيه ووجب قضاؤه منه، وكذلك الحر إذا عين ضمانه في