في الذي وكله فيه وكذلك إذا أودعه مالا وأحضر المال بين يديه فلا فرق بين أن يقبل الوديعة لفظا وبين أن يقبلها فعلا بأن يأخذها ويحرزها فإذا حصل القبول وانعقدت الوكالة كان لكل واحد منهما أن يثبت عليها وله أن يفسخها لأن الوكالة عقد جايز كعقد الجعالة فإذا ثبت ذلك فالعقود على أربعة أضرب:
ضرب جايز من الطرفين.
وضرب لازم من الطرفين.
وضرب لازم من طرف وجايز من طرف.
وضرب مختلف فيه. فأما الجايز من الطرفين فمثل الجعالة والشركة والوكالة والمضاربة والوديعة والعارية وما أشبهها.
والضرب اللازم من الطرفين مثل البيع والإجارة والنكاح على الصحيح من المذهب لأن الزوج وإن كان يملك رفع العقد بالطلاق فليس ذلك بفسخ للعقد المتقدم، وهو بمنزلة أن يعتق العبد المبيع فإنه يزول الملك ويرتفع العقد ولا يجعل البيع في معنى العقد الجايز، والضرب الثالث الذي يلزم من وجه ولا يلزم من وجه فهو الرهن بعد القبض فإنه لازم من جهة الراهن وجايز من جهة المرتهن، وكذلك الكتابة جايزة من جهة العبد ولازمة من جهة السيد، وأما الضرب المختلف فيه فهو عقد السبق والرمي وقيل فيهما قولان:
أحدهما: أنه جعالة وهو الأقوى فعلى هذا يكون جايزا من الطرفين.
والقول الثاني: أنه إجارة فهو لازم من الطرفين فإذا ثبت أن الوكالة عقد جايز من الطرفين فإن لكل واحد منهما الفسخ. فأما الوكيل فله أن يفسخ الوكالة ويعزل نفسه سواء حضر الموكل أو غاب، وإذا فسخها لم يكن له بعد ذلك أن يتصرف فيما وكل فيه فأما إذا فسخ الموكل الوكالة نظر فإن كان الوكيل حاضرا انفسخت ولم يجز له أن يتصرف بعد ذلك، وإذا كان الوكيل غايبا قيل فيه: وجهان:
أحدهما: أن الوكالة تنفسخ في الحال ولا يقف الفسخ على علم الوكيل فإذا تصرف الوكيل بعد ذلك كان تصرفه باطلا.