بمصر وأقبضته وهما بمكة فيعلم أن الرهن لا يمكن قبضه من يومه ولهذا قلنا: إن من تزوج بمكة بامرأة وهي بمصر فولدت من يوم العقد لستة أشهر لم يلحق به لأنه لا يمكن أن يكون وطئها في ذلك اليوم بمجرى العادة وإن كان في الإمكان أن يكون الله خرق العادة بنقلها إلى مصر كرامة لهما أو لغيرهما لأن ذلك جايز لكن الأمور إنما تحمل على العادة المستقرة ولا تحمل على الإمكان في الشرع.
وإذا أقر الراهن أن المرتهن قبض الرهن ثم ادعى بعده أنه لم يكن قبضه وجحد المرتهن ذلك فإن قال: إنه أقبضه أو قبض منه لا يحلف لأن دعواه تكذيب لنفسه فلا يسمع منه ولا يمين على المرتهن، وإن كان إقراره بقبض الشئ الغائب عنه على الظاهر بكتاب ورد عليه من وكيله أو بخبر من يركن إليه ممن ورد من هناك ثم قال تثبت [تبينت خ ل] أنه لم يكن قبضه وإن من أخبرني كذب أو خطأ وطلب يمين المرتهن فإنه يحلف لأنه لم يكذب الاقرار في الحقيقة لأنه أخبر بقبضه على الظاهر ثم تبين أن الباطن بخلافه.
وفي الناس: من قال: يحلف على كل حال في الاقرار بإقباضه بنفسه والإقرار بإقباض وكيله لأن العادة جرت بأن المشتري يقر بقبض الثمن قبل أن يقبضه وهو الأقوى.
فأما إذا شهد شاهدان على مشاهدة القبض من المرتهن لم يسمع دعوى الراهن أنه لم يقبضه ولا يحلف المرتهن لأنه تكذيب الشاهدين، وكذلك إذا شهدا على إقراره بالقبض فقال: ما أقررت بقبضه لم يقبل (1) منه ذلك لأنه تكذيب للشاهدين.
وكل ما كان قبضا في البيوع كان قبضا في الرهن والهبات والصدقات لا يختلف ذلك.
وجملته أن المرهون إن كان خفيفا يمكن تناوله باليد فالقبض فيه إن يتناوله بيده وإن كان ثقيلا مثل العبد والدابة فالقبض فيه أن ينقله من مكان إلى مكان، وإن كان طعاما وارتهن مكيالا من طعام بعينه فقبضه أن يكتاله، وإن ارتهن صبرة على أن كيلها كذا فقبضه أيضا أن يكتاله.
وإن ارتهنها جزافا فقبضه أن ينقله من مكان إلى مكان وإن كان مما لا ينقل ولا