فأما إن استأذن في الدخول فإن كان في رسالة بعقد هدنة أو أمان إلى مدة ترك (1) بغير عوض، وإن كان لنقل ميرة إلى المسلمين بهم غنى عنها أو لتجارة لم يجز تركه إلا بعوض يشرط عليه حسب ما يراه الإمام من المصلحة سواء كان عشرا أو أقل أو أكثر.
فإذا دخلوا بلد الاسلام فلا يجوز أن يظهروا منكرا كالخمر والخنازير وما أشبه ذلك.
وأما أهل الذمة إذا اتجروا في سائر بلاد الاسلام ما عدا الحجاز لم يمنعوا من ذلك لأنه مطلق لهم، ويجوز لهم الإقامة فيها ما شاؤوا وأما الحجاز فلا يدخلون الحرم منه، على حال وما عداه على ما قدمناه في دخول أهل الحرب بلاد الاسلام في أكثر الأحكام فلا يجوز أن يدخلوها إلا بإذن فإن دخلوه بغير إذن عزروا ولا يقتلون ولا يسترقون كأهل الحرب لأن لهم ذمة وإن دخلوها بإذن نظر فإن كان لمصلحة المسلمين مثل رسالة لعقد ذمة أو هدنة أو نقل ميرة بالمسلمين حاجة إليها دخلوها بغير عوض، وإن كان بالمسلمين غنى فالحكم فيها وفي دخوله للتجارة واحد ليس له تمكينهم بغير عوض.
فإذا دخل فلا يقيم الذمي في بلد من بلاد الحجاز أكثر من ثلاثة أيام، والحربي يقيم ببلاد الاسلام ما شاء.
إذا دخل أهل الذمة الحجاز أو أهل الحرب دخلوا بلد الاسلام من غير شرط فإن للإمام أن يأخذ منهم مثل ما لو دخولها بإذن، وقيل ليس له أن يأخذ منهم شيئا وهو قوي لأن الأصل براءة الذمة، وقيل: إنهم يعاملون بما يعامل المسلمون إذا دخلوا بلاد الحرب سواء.
إذا اتجر أهل الذمة في الحجاز فإنه يؤخذ منهم ما يجب عليهم في السنة مرة واحدة بلا خلاف، وأما أهل الحرب إذا اتجروا في بلاد الاسلام فالأحوط أن يؤخذ منهم في كل دفعة يدخلونها لأنهم ربما لا يعودون، وقيل: إنه لا يؤخذ منهم إلا في السنة دفعة واحدة، ويكتب لهم براءة إلى مثله من الحول لتبرء ذمتهم من المطالبة