للحاكم أن يقبضه قبل امتناعه من قبضه لأنه إنما يثبت له ولاية عليهما إذا امتنعا من قبضه وتعذر الإيصال إليهما، وهكذا إذا دفعه إلى ثقة عدل ضمنا جميعا لأنه لا يجوز أن يخرجه من يده إلى غير المتراهنين.
وأما العدل الذي قبضه فإنه قبضه بغير حق فيلزمه الضمان فإن دفعه إلى أحد المتراهنين فإنهما يضمنان أيضا لأنه وكيل لهما في حفظه فلم يجز له تسليمه إلى أحدهما دون صاحبه فإذا سلمه ضمن وضمن القابض لأنه قبض ما لا يجوز له قبضه.
هذا إذا كانا حاضرين فأما إذا كانا غايبين فإن العدل لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون له عذر أو لا عذر له. فإن كان له عذر من سفر أو مرض مخوف فإن الحاكم يقبضه منه عنهما.
فإذا دفعه إلى عدل ثقة مع وجود الحاكم قيل فيه وجهان: أحدهما: يضمن، والآخر لا يضمن، وإن لم يجد حاكما فأودعه ثقة لم يضمن وإن لم يكن له عذر لم يجز له تسليمه إلى الحاكم لأنه لا دليل عليه.
وأما إذا كان أحدهما حاضرا والآخر غايبا فإنه لا يجوز للعدل أن يدفع الرهن إلى الحاضر لأنه نايب عنهما في حفظه، وإن دفعه إلى أحدهما ضمنه ولا يقوم الحاكم مقام الغائب كما قلناه إذا كانا جميعا غايبين.
وإذا شرطا أن يكون الرهن عند عدلين فأراد أحدهما أن يسلم إلى الآخر حتى ينفرد بحفظه فإنه لا يجوز ذلك لأنه لا دليل عليه ولأن الراهن لم يرض بأمانة أحدهما وإنما رضي بأمانتهما جميعا فلا يجوز لأحدهما أن ينفرد بحفظه، وكذلك لا يجوز لهما أن يقتسما بالرهن إذا كان مما يمكن قسمته من غير ضرر مثل الطعام والزيت وما أشبه ذلك لأنه لا دليل على ذلك.
وإذا كان الرهن في يد العدل فجنى عليه رجل فأتلفه وجب على الجاني قيمته وأخذت القيمة وتكون رهنا في يد العدل فيحفظ القيمة، ولا يجوز له بيعها في محل الحق لأنه لم يوكل في بيعه وإنما وكله في بيع نفس الرهن ولا دليل على جواز بيعه.