الحرب أو في جوف دار الحرب فعليه أن يدفع عنهم إذا أمكنه ذلك لأن عقد الذمة اقتضى هذا.
فإن شرط في عقد الذمة أن لا يدفع عنهم أهل الحرب لم يفسد العقد لأنه ليس في ذلك تمكين أهل الحرب من دار الاسلام. فإذا ثبت هذا فمتى قصدهم أهل الحرب ولم يدفع عنهم حتى مضى حول فلا جزية عليهم لأن الجزية تستحق بالدفع، وإن سباهم أهل الحرب فعليه أن يسترد ما سبي منهم من الأموال لأن عليه حفظ أموالهم فإن كان في جملته خمرا وخنزير لم يلزمه ولا عليه أن يستنقذ ذلك منهم لأنه لا يحل إمساكه فإذا أخذ الجزية منهم أخذها كما يأخذ غيرها ولا يضرب منهم أحدا ولا ينلهم بقول قبيح، والصغار إن يجري عليهم الحكم لا أن يضربوا.
فصل: في الحكم بين المعاهدين والمهادنين لا خلاف بين أهل العلم بالسير أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما نزل المدينة وادع يهودا كافة على غير جزية، والموادعة والمهادنة شئ واحد منهم بنو قريظة والنضير والمصطلق لأن الاسلام كان ضعيفا بعد وفيهم نزل قوله تعالى ﴿فاحكم بينهم أو أعرض عنهم﴾ (1) فإذا تحاكم أهل الذمة [الهدنة خ ل] إلينا لم يجب على الحاكم أن يحكم بينهم بل هو بالخيار في ذلك فأما أهل الذمة فالحكم فيهم أيضا مثل ذلك، وقد روى أصحابنا أنهم إذا تحاكموا إلى حاكم المسلمين حملهم على حكم الاسلام.
وأهل الذمة إذا فعلوا ما لا يجوز في شرع الاسلام نظر فيه فإن كان غير جايز في شرعهم أيضا كما لو زنوا أو لاطوا أو سرقوا أو قتلوا أو قطعوا (2) كان الحكم في ذلك كالحكم بين المسلمين في إقامة الحدود لأنهم عقدوا الذمة بشرط أن تجري عليهم أحكام المسلمين، وإن كان ذلك مما يجوز في شرعهم مثل شرب الخمير ولحم الخنزير ونكاح ذوات المحارم فلا يجوز أن يتعرض لهم ما لم يظهروه ويكشفوه لأنا نقرهم عليه ونترك التعرض لهم