فصل: في حكم القرض القرض فيه فضل كبير وثواب جزيل فإن أقرض مطلقا ولم يشرط الزيادة في قضائه فقد فعل الخير، وإن شرط الزيادة كان حرام، ولا فرق بين أن يشرط زيادة في الصفقة أو في القدر فأما إذا لم يشرط ورد عليه خيرا منه أو أكثر منه كان جايزا مباحا ولا فرق بين أن يكون ذلك عادة أو لم يكن، وإذا شرط عليه أن يرد خيرا منه أو أكثر منه كان حراما، وإن كان من الجنس الذي لا يجوز فيه الربا مثل أن يقرضه ثوبا بثوبين فإنه حرام لعموم الأخبار، وقضاء القرض إن كان مما له مثل من المكيل والموزون فإنه يقضيه مثله، وإن كان مما لا مثل له مثل الثياب والحيوان والخشب يجب عليه قيمته.
كل قرض يضبط بالصفة أو كيل أو كل مال يصح فيه السلم مثل المكيل والموزون والمذروع من الثياب والحيوان فإنه يجوز، ولا يجوز إقراض ما لا يضبط بالصفة مثل الجو [ا] هر.
يجوز استقراض الخبز إن شاء وزنا وإن شاء عددا لأن أحدا من المسلمين لم ينكره، ومن أنكر من الفقهاء فقد خالف الاجماع. لا أعرف نصا لأصحابنا في جواز إقراض الجواري ولا في المنع منه والأصل جوازه، وعموم الأخبار في جواز الإقراض يقتضي جوازه، ولا فرق بين أن يكون المستقرض أجنبيا أو ذا رحم لها يحرم عليه وطأها، و المستقرض يملك مال القرض بالقبض دون التصرف لأنه يستبيح به التصرف ويجوز له أن يرده على المقرض، ويجوز للمقرض أن يرجع فيه كما أن له أن يرجع في الهبة.
فإذا استقرض جارية ينعتق عليه بالملك فإنه إذا قبضها عتقت عليه وليس له ردها على المقرض ولا له المطالبة بها لأنا قد بينا أنه يملك بالقبض، وإذا ملك انعتقت عليه.
وإذا استقرض من غيره نصف دينار قراضة فأعطاه دينارا فقال: نصفه قضاء عما لك علي ونصفه وديعة عندك فإن رضي به جاز ويكون بينهما نصفين، ولك واحد منهما أن يتصرف في نصفه مشاعا وإن اتفقا على كسره جاز وإن اختلفا لم يجبر الممتنع منهما