(كتاب المفلس) (1) المفلس في اللغة هو الفقير المعسر وهو مشتق من الفلوس فكان معناه فني [نفى خ ل] خيار ماله وجيده وبقي معه الفلوس، والمفلس في الشريعة هو الذي ركبته الديون وماله لا يفي بقضائها فهذا يسمى في الشريعة مفلسا فإذا جاء غرماؤه إلى الحاكم وسألوه الحجر عليه لئلا ينفق بقية ماله فإنه يجب على الحاكم أن يحجر عليه إذا ثبت عنده دينهم، وأنه حال غير مؤجل، وأن صاحبهم مفلس لا يفي ماله بقضاء دينهم فإذا ثبت جميع ذلك عند الحاكم فلسه وحجر عليه فإذا فعل ذلك تعلق بحجرة ثلاثة أحكام.
أحدها: أن يتعلق ديونهم بعين المال الذي في يده.
والثاني أنه يمنع من التصرف في ماله ولو تصرف فيه لم يصح.
والثالث: أن كل من وجد من غرمائه عين ماله عنده كان أحق به من غيره، وإن مات هذا المديون قبل أن يحجر الحاكم عليه فهو بمنزلة ما لو حجر عليه في حال الحياة ويتعلق بماله الأحكام الثلاثة التي ذكرناها، وقد روي أنه يكون مع الغرماء بالسوية، وقد بينا الوجه في ذلك في الكتاب الكبير، وهو أنه إذا خلف وفاء لدين الغرماء كان صاحب العين أحق بماله، وإن لم يخلف إلا ذلك الشئ بعينه كان أسوة للغرماء، وهكذا الحكم بعد الموت وهذا هو الأحوط، وإذا كان أحق بعين ماله فهو بالخيار إن شاء أخذ عين ماله وإن شاء تركه وضرب مع سائر الغرماء بدينه وهل (2) الخيار يكون على الفور دون التراخي، وقد قيل: إنه يكون على التراخي والأول أحوط.
وإذا باع سهما له في أرض أو دار فلم يعلم شريكه بالبيع حتى فلس المشتري فلما جاء البايع يطالب بالثمن جاء الشفيع يطالب بالشفعة فإنه يؤخذ الثمن من الشفيع ويأخذ الشقص بالشفعة، ويكون هو وباقي الغرماء أسوة في الثمن.