أحد الخفين بأن يكون أحدهما أحمر والآخر أبيض، وتجعل في رقبتها خاتما لتعرف به إذا دخلت الحمام، وجملته أن ذلك من رأي الإمام واجتهاده، ولا نص لنا في شئ من ذلك بل يفعل من ذلك ما يراه، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال في أهل الذمة: لا تبدؤهم بالسلام واضطروهم إلى أضيق الطرق، و إذا عقد الإمام الذمة وعرف مبلغها كتب أسمائهم وأنسابهم وأديانهم ويكتب حلاهم لئلا يشكل الأمر عليه فيدلسوا، فإذا فعل ذلك فإن أراد أن يعرف على كل عدد عريفا على ما يريه من عشرة وعشرين يرعى أمورهم (1) ويضبط من يدخل في الجزية ومن يخرج عنها فعل، وإن تولاها بنفسه جاز، ومتى مات الإمام وقام بعده غيره، فإن كان الأول أقر أهل الذمة على أمر معلوم مدة معلومة أمضاه، ولم يكن له نقضه، وإن لم يكن ذلك أو لم يثبت عنده ابتدءهم بعقد الذمة، وإن كان عقد الأول وثبت فإذا انقضت المدة كان له أن يستأنف عقدا آخر بزيادة أو نقصان على ما يراه من المصلحة، وإن كان الإمام الأول عقد لهم الذمة على التأييد أنعقد ولم يكن للثاني تغيير شئ منه.
فصل: في حكم البيع والكنايس، وحكم البلاد والمساجد البلاد التي ينفذ فيها حكم الاسلام على ثلاثة أضرب: ضرب أنشأه المسلمون وأحدثوه، وضرب فتحوه عنوة، وضرب فتحوه صلحا. فأما البلاد التي أنشأها المسلمون مثل البصرة والكوفة فلا يجوز للإمام أن يقر أهل الذمة على إنشاء بيعة أو كنيسة ولا صومعة راهب، ولا مجتمع لصلاتهم فإن صالحهم على شئ من ذلك بطل الصلح بلا خلاف، والبلاد التي فيها البيع والكنايس كانت في الأصل قبل بنائها.
وأما البلاد التي فتحت عنوة فإن لم تكن فيها بيع ولا كنايس أو كانت لكن هدموها وقت الفتح فحكمها حكم بلاد الاسلام لا يجوز صلحهم على إحداث ذلك فيها .