وهذا الاختلاف يصح إذا اختلفا في وقت العقد واتفقا على أن الأجل ثلاثة أشهر واختلفا في وقت العقد فقال المشتري: عقدنا السلم في أول يوم رجب واستحققت في أول شوال، وقال البايع: عقدناه في أول شعبان وتستحقه أول ذي القعدة فإذا كان كذلك حلف البايع لما قلناه.
ولا يجوز السلم في العقار لأنهما إذا أطلقا الوصف من غير تعيين لم يجب لأنه يختلف باختلاف الأماكن والقرب من البلد والبعد منه وإن عينت البقعة لم يجز لأنه إن قيل من القرية الفلانية اختلف باختلاف أماكنه، وإن عين أرضا بعينها لا يصح لأن بيع العين بصفة لا يجوز ولا يصح.
فصل في امتناع ذي الحق من أخذه وما لا يلزم قبوله إذا أتى المسلم إليه بالمسلم فيه فلا يخلو من ثلاثة أحوال: إما أن يأتي به على صفته أو يأتي به دون صفته أو فوق صفته فإن كان على صفته لزمه قبوله لأنه أتى بما تناوله العقد فإن امتنع قيل له: إما أن يقبله وإما أن تبريه منه لأن للإنسان غرضا في تبرئة ذمته من حق غيره وليس لك له أن تبقيه في ذمته بغير اختياره، وبرائته تحصل بقبض ما عليه أو إبرائه منه فأيهما فعل جاز.
وإن امتنع قبضه الإمام أو النايب عنه عن المسلم إليه وتركه في بيت المال له إلى أن يختار قبضه وإبراء المسلم إليه منه بالإسقاط عن ذمته لأن الإبراء لا يملك بالولاية وقبض الحق يملك بالولاية.
وإن أبى به دون صفته لم يلزمه قبوله ولا يجبر على قبضه لأن ذلك اسقاط صفة استحقها ولا يجبر على أخذه.
وإن أتى به فوق صفته فلا يخلو من أربعة أحوال: إما أن يأتي به من نوعه فوق صفة أو أكثر من قدره أو جنسا آخر أجود منه أو نوعا آخر أجود منه.
فإن أتى من نوعه بأجود منه فإنه يجبر على قبضه لأنه أتى بما يتناوله العقد وزنا، وزيادة الصفة تابعة للعين منفعة لا مضرة.